المساء
أحمد سليمان
من هنا بدأ الفساد
حسنا فعلت الدولة بإعلان الحرب علي الفساد. بدأتها بالقبض علي وزير الزراعة السابق ومعاونيه. ثم القبض علي مستشار وزير الصحة وبعض المسئولين بالمحليات. ثم انتقلت الحرب إلي استعادة أموال الدولة المنهوبة من سرقة الأراضي واختلاس المال العام وغير ذلك من أوجه الفساد المستشري في كل مؤسسات الدولة بلا استثناء. ولا ننسي ما أعلنه السيد الرئيس بنفسه من أن مؤسسة الرئاسة بها فساد وستتم محاكمة كل فاسد أياً كان شخصه أو مكانه.
وعلي الرغم من الجهود التي تبذلها الدولة لمحاربة الفساد إلا أنه - الفساد - لن يتوقف بالشكل المرجو والمأمول إلا بتجفيف منابعه. وتغيير فكر المسئولين الذين يجدون الباب مفتوحاً علي مصراعيه ليفسدوا "بفتح الياء" ويفسدوا "بضم الياء".
لابد من تعميم ثقافة الترشيد لدي الحكومة. فلا يعقل في ظل رفع أسعار الكهرباء. الذي أضيف إلي ارتفاع أسعار كل السلع ومعظم الخدمات أن يظل الوزير - أي وزير - يركب المرسيدس التي لا يقل سعرها عن مليون جنيه أو يزيد. وأن يرافقه طاقم حراسة يتقاضي مرتبات لا تقل عن مبلغ مشابه. وان يؤثث مكتبه ويفرشه بمبلغ لا يقل عن المليون أيضا. وأن يتقاضي الوزير نفسه مرتباً وبدلات وحوافز تصل إلي مبالغ خيالية لا تجعله يشعر بمعاناة موظف يتقاضي ألف جنيه شهرياً أو أقل. أو صاحب معاش ينتظر خمسمائة جنيه أول كل شهر.
ماذا لو تم الاكتفاء بحارس شخصي واحد لكل وزير؟ وماذا لو تم استبدال المرسيدس بسيارة حديثة مكيفة لا يزيد سعرها علي 150 ألف جنيه؟ وماذا لو تم منع أي وزير من تجديد مكتبه إلا بعد الرجوع إلي لجنة خاصة يتم تشكيلها ضمن هيكلة جديدة لمحاربة الفساد؟ وماذا لو تم تطبيق الحد الأقصي علي الوزراء بحيث لا يزيد دخلهم علي 20 ألف جنيه وليس 42 ألف جنيه؟
إن تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات المنشور بصحيفة اليوم السابع دليل كبير علي ما أقول.. فقد أثبت التقرير أنه في مرفق السكة الحديد وحده تبين صرف حوافز ومكافآت وصلت إلي أكثر من عشرة ملايين جنيه بينما المبلغ المخصص لهذا البند هو مائة ألف جنيه فقط. كما اكتشفوا وجود مبلغ وصل إلي 181 ألف جنيه مصاريف تحت مسمي "كلاب الأمن والحراسة" ضمن حساب الأجور بالحساب الختامي. طبعا ستجدون الأشياء نفسها في مؤسسات الدولة المختلفة. ولكن هذا ما تم الكشف عنه في هذا المرفق وحده الذي صدعنا وزير النقل ومسئولو السكة الحديد المتعاقبون بضخامة الديون علي السكة الحديد.
الناس مخنوقة ليس بسبب ضيق الحال وعدم وصول آثار التنمية إليهم بشكل مباشر فحسب ولكن لأن الحكومة برئيسها ومعظم أعضائها لا يشعرون بهم ولا يهتمون بظروفهم. بل علي العكس فإن كل وزير خاصة وزراء الخدمات يبحثون دائماً عن المبررات التي تدعوهم للتضييق علي الناس. ولعل تكرار اجتماع السيد الرئيس بالوزراء وتأكيده عليهم بمراعاة عدم التضييق علي المواطنين وتوفير احتياجاتهم من سلع وخدمات يؤكد هذا المعني.
غياب الضمير وغياب الإحساس بالمواطن المطحون الغلبان كفيل بجعل أي مسئول فاسداً وقد يصل لدرجة محاربة الفقراء وكأنه يقول لهم: "جاتكوا نيلة مليتوا البلد"!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف