المساء
محمد جبريل
الإسكندرية والحاجة إلي الخيال
من الخطأ تصور أن مشكلات الاسكندرية مقصورة علي فصل الصيف. فقد تحولت المدينة الساحلية في العقود الأخيرة إلي مدينة متعددة الضواحي والامتدادات. قارب عدد سكانها الملايين الثمانية. بحيث تفوق في كثافتها السكانية عددا كبيرا من عواصم العالم. ومدنه المهمة.
كانت مياه الأمطار التي عانت المحافظة تأثيراتها السلبية في الشتاء الماضي. وأزاحت محافظا عن منصبه. مؤشرا خطيرا بصورة المستقبل. الشوارع ضيقة. والأبراج تعلو بلا ضابط. والمرافق مستهلكة. والزحام يجعل من انسياب المرور أمنية صعبة. بالإضافة إلي مشكلة النظافة. والباعة الجائلين الذين تحولت بهم الشوارع إلي عشوائيات. شارع اسماعيل صبري مثلا!
مع تعدد الحلول للمشكلات التي تزداد تفاقما. فإن رداءة الحكم المحلي. وسطوة الرشاوي والعمولات. والاكتفاء بأساليب الترقيع والترميم يجعل الحل الحاسم بعيدا. أو أقرب إلي المستحيل!
في تقديري لبانورامية المشهد أن الحلول التي تحاول انقاذ الاسكندرية من مشكلاتها الدائمة تتطلب عنوانا عريضا هو الخيال. ما تستطيع أن تصنع به كل ما يعيد المدينة - كما كانت - عروسا حقيقية لمدن البحر المتوسط!
كما نري. فإن البناية التي تزال. يشيد في موضعها بناية بنفس المساحة. وتصور المستقبل يفرض خصم مساحة تدريجية من بنايات الشارع الواحد. لتنتهي الشوارع - ولو بعد عشرات السنين - إلي صورة مغايرة للمساحة التي بقيت علي حالها منذ أيام الاسكندر. زادت أعداد البشر. وأضيف إلي الدواب وسائل مواصلات مستحدثة. وتحولت الشوارع إلي مصدر للعراك والتوتر. وصارت قيادة السيارة عذابا يغني عنه السير علي القدمين.
المثل يحدث في صمت - منذ سنوات - في امتداد شارع رمسيس بالقاهرة. البناية التي تزال يتقلص موضعها بما يضيف إلي مساحة الطريق. ليسهل تخيل صورة الشارع في المستقبل!
بدلا من إلقاء تبعات الفشل دوما علي الحكم المحلي. وتوجيه اتهامات إلي المحافظ. قد يكون بعضها في غير محله. فإنني أقترح أن تكون الاسكندرية بداية اختيار المحافظ بالانتخاب.
أرفض القول إنه قد ينجح بتأثير العزوة العائلية. لأن الاسكندرية ليست مدينة صغيرة ولا قرية. وعلي المحافظ أن يدير المحافظة بوصفه صاحب القرار الذي يمتلك القدرة علي التخيل. ويلجأ إلي الهيئات المعاونة والعلماء المتخصصين لوضع الخطط التي تكفل تحويل الخيال إلي واقع ينبض بالحياة.. لكلية الهندسة بجامعة الاسكندرية مكانتها العالمية. وقد أسهم اساتذتها في الكثير من المشروعات داخل مصر وخارجها. فلماذا لا يلجأ المحافظ - سواء كان معينا أم منتخبا - إلي هذه المؤسسة العلمية. تزوده بخبرات تتيح مجاوزة الواقع الحالي الصعب الذي تعيشه مدينة الأبراج والشوارع الضيقة والزحام. لتستعيد ماضيها عروسا للمتوسط!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف