ليس من اللائق تخصيص هذه المساحة لعرض مشكلة تبدو فردية وبسيطة. لكني استأذن القارئ في عرضها لأنها ليست فردية وليست بسيطة. وتعكس حالة الانفلات السافرة والسافلة التي تشهدها مصر.
في حفل ختام المهرجام القومي للمسرح الذي أقيم الثلاثاء الماضي علي المسرح الكبير بدار الأوبرا. احتاج زميل صحفي الذهاب إلي الحمام. ترك متعلقاته علي مقعده وخرج. لكنه عندما حاول الدخول رفض أمن الأوبرا. وعبثا حاول إقناعهم بأنه ترك متعلقاته بالداخل وانه جاء لأداء عمل مكلف به. لكن المناقشات انتهت بمحاولة الاعتداء عليه والفتك به وسبه بأفظع الألفاظ من بودي جاردات الأوبرا الذين لم ينقذه من بين براثنهم سوي تدخل بعض العقلاء من رجال الأمن ومنهم يسري سعودي. لكن زملاءه الفتوات لم يرتدعوا وظلوا يرددون شتائم في غاية السفالة والانحطاط في مشهد لا يحدث حتي في أحط المواخير.
أمر غريب فعلا أن يحدث ذلك في مؤسسة ثقافية عريقة ورفيعة المستوي ترأسها فنانة عالمية كبيرة وسيدة محترمة اسمها د. إيناس عبدالدايم.
الذي أعرفه أن تعليمات الأوبرا لا تسمح بالدخول أثناء تقديم عرض فني. لكننا كنا في إطار احتفالية لتوزيع جوائز علي شباب المسرحيين وما يصاحبها من هرج ومرج وتصفيق وأحضان وأحيانا رقص وتنطيط. وهو أمر عادي وطبيعي. وعادي وطبيعي أيضا أن يخرج أحدهم ويعود في هدوء لأنه لا أحد علي المسرح يغني أو يعزف أو يرقص أو يمثل.. وزير بيوزع جوائز علي الشباب ولن يزعج سيادته أو يزعج الشباب خروج ودخول واحد مزنوق.
الصحفي ليس علي رأسه ريشة. ولم يخلقه الله لايقاع الأذي بالناس أو تكسير اللوائح والقوانين. لكن ما حدث مع زميلنا من بلطجة وانحطاط وسفالة لا يجب السكوت عليه لأن ما فعله أفراد - وليس رجال - الأمن معه يفوق الوصف والتصور.. خاصة أنهم سمحوا بدخول بنت كومبارس لها ثلاث قضايا آداب لمجرد أنها كانت ترتدي فستانا عاريا ومثيرا.
لا أدري هل يقوم رئيس الأمن في الأوبرا بتلقين أفراد الأمن تبعه أنهم "اسياد الناس" أم أنه يعلمهم أنهم يعملون في مؤسسة محترمة ترأسها سيدة محترمة. وأن روادها ليسوا من البلطجية أو اللصوص ويجب التعامل معهم برفق واحترام.
لنفترض حتي أن الزميل أخطأ أو انفعل فهل كان يجب علي أفراد - وليس رجال - الأمن مجاراته في الخطأ والانفعال وتصعيد الأمر إلي هذه الدرجة المنحطة السافلة؟
سؤالي إلي د. إيناس عبدالدايم. التي أقدرها علي المستوي الشخصي والفني والإداري: كيف يتم اختيار أفراد الأمن في الأوبرا. وما هي الدورات التي يحصلون عليها قبل تولي هذا العمل. وهل يدركون طبيعة المكان الذي يعملون به وطبيعة رواده. أم أن المسئولين يجلبونهم من هنا وهناك ويقولون لهم كونوا أفراد أمن ومارسوا بلطجتكم وسفالاتكم علي رواد المكان.. كارثة أن يصل الانفلات والانحطاط إلي درجاته القصوي في مؤسسة عريقة ومحترمة ترأسها فنانة كبيرة ومحترمة اسمها إيناس عبدالدايم.