الضجة التي حدثت نتيجة لرفع لاعب مصري العلم السعودي في افتتاح دورة الألعاب الأوليمبية بريودي جانيرو أخذت أكثر من حجمها.. وأظهرت اننا نحمل درجة عالية من التعصب والشيفونية" صارت تسئ إلينا بأكثر مما تسئ للآخرين.. اللاعب برر موقفه بأنه وجد علم السعودية ملقي علي الأرض فرفعه لأن فيه لفظ الجلالة.. لكن الحملة الشعواء التي واجهته أخذت الأمر إلي بعيد جدا... هناك من اتهمه بالخيانة.. وهناك من اتهمه بالإساءة إلي وطنه مصر أمام هذا المحفل العالمي.. وهناك من أخذ الحادث علي أنه دليل وجدان مهزوم وانهيار للنموذج المصري في التعليم والثقافة.. وتمزيق للانتماء الوطني.
المؤكد أن كل هذه المعاني السلبية لم تكن لترد علي ذهن اللاعب عندما التقط العلم السعودي من الأرض.. وأنه نظر للأمر من منظور قومي ومشاعر دينية لا أكثر.. فالسعودية دولة شقيقة تربطنا بها علاقات طيبة.. والعلم يحمل لفظ الجلالة وشعار التوحيد.. وربما يكون اللاعب قد تجاوز العرف في أنه لوح بالعلم الصغير الذي لا يزيد علي حجم كف اليد.. ولو أنه احتفظ به في يده لتجنب هذه الضجة المثارة حوله.. والتي تطالب الدولة اليوم بمعاقبته.
في تقديري ان الموقف "البسيط" يكشف عدم اقتناعنا بمفهوم الأمة الواحدة والعروبة والقومية والوحدة.. نحن نرفع هذه الشعارات في المناسبات لا أكثر.. لكننا في الواقع غير مقتنعين بها.. وقد ظهرت الحقيقة في أزمة اللاعب والعلم السعودي بالضبط كما ظهرت من قبل مئات المرات في قرارات جامعة الدول العربية.
**
وفي اولمبياد ريودي جانيرو أيضا كانت هناك مباراة بين منتخب المانيا للكرة الشاطئية ونظيره المصري.. والتقطت في هذه المباراة صورة أصبحت حديث العالم للاعبتين تتنافسان علي الكرة.. إحداهما ألمانية ترتدي المايوه والأخري مصرية ترتدي الحجاب والملابس الكاسية للجسم كله.. وكان لافتا للنظر أن الصحف الألمانية أشادت باللاعبات المصريات ومرونتهن ومهاراتهن.. ولم تتطرق بالنقد لزيهن الذي كان مناقضا لزي الألمانيات.. بينما أنبرت أقلام وألسنة مصرية علي مواقع التواصل الاجتماعي وعلي منابر اعلامية تسخر من ملابس المصريات ذات الأكمام وحجابهن.
وقد علقت صحيفة "آس" الأسبانية قائلة: الأولمبياد تمنحنا صورا كهذه - تقصد صورة اللاعبتين الألمانية والمصرية - تعبيرا عن ثقافتين مختلفتين تستمتعان بنفس الرياضة.. وقال ريتشارد بيكر المتحدث باسم الاتحاد الدولي للكرة الطائرة إن قرار السماح بزي المحجبات اتخذ في محاولة لاحداث انفتاح ثقافي علي الكرة الشاطئية.. وقد أجدي هذا نفعا.. حيث ارتفع عدد الدول المشاركة إلي 169 في ريودي جانيرو مقارنة بـ 143 في لندن.
وهكذا.. هم يتحدثون عن التسامح وقبول الآخر والانفتاح الثقافي.. ونحن مازلنا محكومين بعقدة النقص وجلد الذات وحتمية التبعية وإهدار قيمة الحرية.
**
أمام تقرير مجلة "الايكونوميست" الذي صدر مؤخرا بعنوان "خراب مصر" يمكننا أن نسلك أحد طريقين: الأول أن نحشد الاعلام لرد الصاع صاعين للايكونوميست.. ونتهمها بالأخونة وبأنها مأجورة وضالعة في مؤامرة دولية ضدنا.. والآخر أن ندرس بعناية جوانب النقص والقصور التي رصدتها المجلة ونعالجها بجدية تامة من باب "رحم الله رجلا أهدي إلي عيوبي".. حتي نغير أحوالنا ونضطر الايكونوميست لأن تكتب المرة القادمة عن ايجابياتنا.
**
كثرت التقارير التي تتحدث هذه الأيام عن تحركات إسرائيلية يقوم بها وزير الدفاع الإرهابي افيجدور ليبرمان للاطاحة برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "أبو مازن" وتنصيب صديقه محمود دحلان بدلا منه بدعم من أمريكا ودول الخليج.. في إطار مخطط عام يجري تسويقه لصهينة السلطة الفلسطينية.