السيد العزاوى
الكلم الطيب - الخطاب الديني وتصدي كبار العلماء.. للدخلاء "3"
الخطاب الديني هذه الأيام يحفل بالكثير من مظاهر التشويش والهجوم علي التراث ورموز العلماء حيث يتردد في الساحة بصورة غير مسبوقة وذلك رغم دور هؤلاء العلماء في داخل الأزهر ومعاهده وجامعاته المنتشرة في كل مناطق الجمهورية. ينشرون الوسطية والاعتدال ويناقشون مختلف الآراء والاتجاهات علي أساس أن كل صاحب رأي يؤخذ منه ويرد عليه أيا كانت صفته العلمية ما عدا كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وكذلك الأحاديث الصحيحة والثابتة عن رسول الله - صلي الله عليه وسلم ـ وكم تصدي لمحاولات النيل من تراثنا العظيم وازاحوا النقاب عن الكثير من الإسرائيليات التي تم دسها في كتب التفسير. أدي هؤلاء الرجال هذه الأدوار بكفاءة واقتدار.
ومن المؤسف أن يهيل البعض التراب علي جهود رجال الأزهر وتعرضوا للهجوم بصورة تدعو للأسف وتحديات يرفضها منهج البحث العلمي ويتنافي مع دور أي ناقد أو معترض علي ما جاء في كتب التراث. اذ إن الناقد الصحيح حريص علي أن ينشر علي الناس مظاهر اعتراضه واحتجاجه بصورة تتناسب مع مكانة الباحث وتحريه للدقة والوصول إلي الصواب عن طريق الحوار والمناقشات الهادئة الهادفة التي تحقق الاغراض وتصل إلي الحقائق دون إسفاف والساحة مفتوحة لأي ناقد صاحب فكر ويعرف قدر العلم والعلماء التطاول والهجوم في المنابر الإعلامية لا يتناسب مع مقام العلماء والنقاد خاصة أن الإسلام احترم كل الآراء وناقش صاحب كل فكر يريد تحقيق هدفه واعتقد أنه ليس أكثر من ذلك الرجل الذي أتي إلي سيدنا محمد - صلي الله عليه وسلم وقال له : "يا رسول الله ابح لي الزنا"؟
استمع إليه الرسول بكل أناة ثم جاء رده مقنعا وسد الطريق أمام هذا الفكر المنحرف بكل أدب وسعة صدر حيث قال له : هل تقبله علي أمك أو أختك؟ فقال الرجل : أبداً. فقال الرسول - صلي الله عليه وسلم - وكذلك الناس لا يقبلونه لامهاتهم وبناتهم فخرج الرجل من مجلس رسول الله ولم يعد لهذا الحديث مرة أخري ذلك هو الأسلوب الصحيح لمن أرد فهم العلم!!
للأسف الشديد فإن بعض القائمين علي البرامج التي تقدمها قنوات التليفزيون الفضائية يتناولون النقد بأساليب لا تليق وعندما تشاهد مقدم هذا البرامج تشعر بأنه الطاووس ويتحدث بطريقة تشعرك أيضاً بأنه ـ يمتلك الحقيقة وأن علماء الأزهر لا يستطيعون نشر ما يردده خلال برنامجه دون تقدير لمهمة البحث العلمي وتحري النشر علي الناس بموضوعية وصدق حديث ونبرات متأنية ويدرك أن عمليات التشويه والاحباط وتسفيه الآراء لن يقود مقدم البرامج إلي الطريق الصحيح كما أن عليه أن يدرك أيضا أن هناك كثيراً من النقاد عندما جاءوا إلي ساحات العلماء وجدوا كل صدر رحب وسعة أفق تستهدف الوصول بالجميع إلي الصحيح من تراثنا ومؤلفاتنا النفيسة التي تحظي بتقدير العالم شرقا وغربا. ذلك الأسلوب غاب عن هؤلاء وصار السباب والاتهام يجري في الساحة الإعلامية مثيراً للأسي والاستياء. وفي نفس الوقت أهيب بهؤلاء الإعلاميين الالتزام بمنهج البحث العلمي بأدب الرجال وحرصهم علي مكانتهم خاصة في هذه المواقع التي تنشر علي الملايين من الناس في كل أنحاء الدنيا ما يتردد علي ألسنتهم واهيب أن يحذروا أحداث فتنة أو شقاق بين هذه الجماهير التي تشاهد تلك البرامج وأن يدركون أننا جميعا في مركب "أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأض".