لويس جرجس
صور من بلدي - الأولمبياد.. انبهار وحسرة
أعجبني وأدهشني مثل مئات الملايين من البشر في العالم ما تابعته في افتتاح أولمبياد ريو في البرازيل.. انتماء وتنظيم وابتكار وابهار. إلا ان اندهاشي واعجابي علي عكس مئات الملايين امتزج بحسرة علي القطار الذي فات بلدنا ولم تلحق به بعد ان كادت تستقله.
وإليكم الحكاية في أوائل الستينيات من القرن العشرين دخلت مصر مع نهضتها الاقتصادية والاجتماعية الكبري عصر التفكير في استضافة الأولمبياد وبدأت خطوات عملية للتحضير لهذا الحلم الذي يراود كل بلد في العالم وبدأ ببناء نواة قرية أولمبية عالمية استعداداً للتقدم لاستضافة هذا الحدث الكبير. فكان اختيار الموقع في الصحراء المترامية شرق القاهرة بالقرب من العباسية "أصبحت فيما بعد مدينة نصر" وتم البدء ببناء استاد عالمي المعروف الآن باستاد القاهرة "بعد وفاة عبدالناصر سمي استاد ناصر" وبعض المباني الأخري وتم بناء بوابات ضخمة للقرية علي شكل نبات اللوتس من تصميم المعماري المصري العالمي د. سيد كريم "1911 - 2000".
ثم توقف كل شيء وانهار الحلم مع الهزيمة الكبري وكانت الحسرة وكان أن كرهت رقم خمسة وشهر يونيو ورقم 67 وكرهت حكم الفرد والاستبداد وكرهت النفاق السياسي والاجتماعي وكرهت تفضيل أهل الثقة علي الخبراء عند اختيار المسئولين عن مصالح البلد والمواطنين وكرهت الاعلام المسيس واعلام حشد الجماهير الذي يؤدي إلي كوارث انسانية فادحة "المانيا النازية وايطاليا الفاشية نموذجان مخيفان".
ثم ورغم تدارك آثار الهزيمة واستعادة الأرض المحتلة فإن الانهيار كان أقوي والأمل في عودة النهضة أصبح حلماً يراود بلداً تعرض لهزيمة قاسية في ساعات معدودة وتبخر حلم استضافة الأولمبياد وخاض البلد بعد سنوات طوال محاولة لاستضافة مونديال كرة القدم انتهت بفضيحة الصفر الشهير.
ثم وبعد سنوات طوال أخري أصبحت الألعاب الأولمبية مصدر خيبة تتكرر مرة كل أربع سنوات عندما نذهب ببعثة تضم عشرات الرياضيين والمشرفين والإداريين ونعود بخفي حنين إلا استثناءات قليلة لا تعوض التكاليف التي تكبدتها الموازنة العامة بمبالغ مقتطعة من قوت الشعب اليومي من أجل اعداد بطل أوليمبي تنفيذاً لمشروع أنفق عليه ملايين الجنيهات.
ثم وبعد سنوات طوال ثالثة يأتي الأولمبياد الأخير ـ وقبل أن تبدأ المنافسات الرياضية ـ بحسرة جديدة إلا انها أقسي وأصعب من ضياع الأموال وضياع حلم الذهب والفضة والبرونز فما ضاع هذه المرة هو الانتماء للوطن حينما رفع أحد أعضاء البعثة الرياضية في طابور العرض علم دولة أخري في سابقة لم تحدث في تاريخ الألعاب الأولمبية الممتد لثلاثين نسخة كما لم تحدث في أي بطولات رياضية في العالم ولا في أي مناسبات غير رياضية. لم يحدث بتاتاً أن رفع شخص في مناسبة ما علماً غير علم بلاده.. وهنا كانت الحسرة المونديالية المصرية الجديدة في ريو 2016 ويا رب يأتي مونديال 2020 ويمر دون حسرة مصرية جديدة.