لا يشعر باحساس الرعب إلا من عاشه. ولا يكتوي بنار الذل من ذاقها. ولا يعرف قدر الوطن إلا من تغرب عنه وأهين خارجه.
المصريون العائدون من ليبيا والناجون من الاختطاف رووا مأساتهم مع الجماعات المسلحة التي اختطفتهم عند منطقة البريقة وهم في طريق عودتهم من مصراته إلي مصر. قالوا إن المسلحين أجبروهم علي التصوير بأعلام تنظيم داعش الإرهابي. واشترطوا عليهم دفع فدية تقدر بعشرين ألف جنيه لإطلاق سراحهم. وبعد أن دفعوا الفدية كان المسلحون ينوون بيعهم مرة أخري إما لتنظيم داعش أو لجماعة مسلحة أخري.
لحظات الرعب واقتراب الموت ذبحاً أو بالماء المغلي أو بالإلقاء من فوق أسطح العمائر التي عاشها هؤلاء المصريون لا تساي كنوز الدنيا. ولا التضحية بالسفر إلي ليبيا بزعم البحث عن الرزق علي الرغم من التحذيرات المتتالية من وزارة الخارجية المصرية للشباب بعدم السفر إلي ليبيا نظراً لخطورة الأوضاع هناك بعد أن أصبحت ليبيا "بلد اللي يروح ما يرجعش"!
الذي أنقذ هؤلاء المصريين- بعد الله سبحانه وتعالي- تدخل الجيش الليبي في الوقت المناسب بناء علي التنسيق الذي كان علي أعلي مستوي مع القوات المسلحة المصرية بتعليمات مباشرة من الرئيس السيسي الذي كان يتابع موقف هؤلاء المصريين أولاً بأول حتي عادوا بسلامة الله إلي أرض الوطن.
هذه الواقعة تؤكد اليقظة المصرية واهتمام الدولة بأعلي سلطة فيها بأبنائها في الخارج وبخاصة بليبيا. ولن ننسي الانتقام المصري الفوري لذبح 21 مصرياً في ليبيا. ولن ننسي إنقاذ العشرات من المصريين الذين تعرضوا من قبل لعمليات اختطاف مشابهة. ولكن: إلي متي سنظل نجري وراء انقاذ مصريين لا يسمعون نصائح الدولة بعدم السفر إلي ليبيا؟ وهل نضمن ألا تنجح محاولات الخاطفين في المرات المقبلة ونفاجأ بعملية ذبح جديدة لمجموعة من المصريين هناك؟ ولماذا لا يصدر قرار بمنع سفر المصريين إلي ليبيا مطلقا لحين تحسن الظروف هناك؟ ولماذا لا يتم التنسيق مع الجانب الليبي لترحيل كل أبناء الجالية المصرية من ليبيا. خاصة أن سفارتنا في ليبيا تمارس عملها من القاهرة؟!
هل لدي أجهزة الدولة من الرفاهية ما يكفي لشغل وقتها ببحث ومتابعة وتحرير أو الانتقام لخطف أو قتل مصريين في ليبيا؟ وهل من الصعوبة بمكان منع المصريين من السفر إلي ليبيا؟
الجميع يعلم التطورات الحادثة في ليبيا الآن سواء أكانت سياسية أو عسكرية أو إرهابية. ويشارك فيها الليبيون من الداخل والخارج والإرهابيون المنتقلون إليها من سوريا بعد تضييق الخناق عليهم. والدور القذر لأمريكا وغيرها من الدول والمعارض للدور المصري الساعي إلي تحقيق الاستقرار في هذا الوطن الشقيق ولا ننسي الدعوات المتتالية من مصر لكل الدول الدول والمنظمات بضرورة تسليح الجيش الليبي ليدافع عن أرضه ويواجه الإرهابيين. ولكن لا حياة لمن تنادي.
أعتقد أنه آن الأوان لاصدار تعليمات صارمة بمنع سفر المصريين إلي ليبيا وإعادة المصريين المقيمين هناك لأنهم أصبحوا شوكة في ظهر مصر يمكن لأي إرهابي خسيس أن يوجه بهم ضربة موجعة لمصر في وقت لا تحتمل فيه ضربات بعد الطعنات التي يوجهها إليها عدد كبير من أبنائها في الداخل؟