المساء
مؤمن الهباء
جاهزون لربط البطون
يستحق عمال غزل المحلة كل تقدير واحترام... فقد تعهدوا بأن "يربطوا بطونهم" ويصبروا علي الحكومة مقابل عدم خصخصة الشركات وتطويرها حتي تقف علي قدميها مرة أخري.
جاء هذا التعهد أمام وزير قطاع الأعمال العام الذي أكد أن الحكومة كلفت مكتب "وارنر" الأمريكي بإعداد دراسة متكاملة للارتقاء بشركات الغزل والنسيج ووضع الخطط اللازمة للنهوض بها وفق حالة السوق.. ومن المقرر ان ينتهي المكتب من هذه الدراسة في ديسمبر القادم للبدء في تنفيذ الخطط فورا.
وأنا واثق تماما من أن العاملين بهذه الشركات سوف يصدقون في وعودهم وتعهداتهم.. فقد دافعوا كثيرا عن بقاء شركاتهم بعيدا عن الخصخصة.. ودفعوا ثمن وقفتهم في وجه موجات الخصخصة العاتية والمتتالية.. كما دفعوا ثمن وقفتهم في وجه فساد الإدارة وسلوكياتها التي كانت ترمي دائما إلي الخصخصة.. واشاعة الفوضي والاضطراب في هذه الشركات حتي تتعاظم خسائرها وتهبط أسهمها.. وتصبح هدفا سهلا ومبررا للخصخصة.
وكانت الحكومة قد وعدت وتعهدت بعدم اللجوء إلي الخصخصة مرة أخري بعد كل الفضائح والخسائر التي تكشفت عن مهرجانات البيع والخصخصة خلال زمن مبارك.. لكن ممارساتها وسياساتها المعلنة تنبئ صراحة عن اتجاه واضح وصريح للدخول إلي الخصخصة من الباب الخلفي.. وذلك عن طريق بيع أراض وأصول لبعض الشركات.. وطرح شركات أخري وبنوك في البورصة كي يدخل القطاع الخاص شريكا في رأسمالها.
صحيح أن هناك تأكيدات في أكثر من مناسبة بأن شركات الغزل والنسيج والحديد والصلب ليست في جداول الخصخصة.. وان الدولة لديها خطط للنهوض بهذه الشركات خلال عامين.. لكن المشكلة ان الحكومة عودتنا علي أن تقول اشياء بلسانها ثم تفعل عكس ما تقول.. والعبرة طبعا في النهاية بالفعل وليس بالأقوال والتصريحات والتعهدات.
يذكرنا سجل الحكومة بتناقضاتها الفجة.. ووعودها التي لم تتحقق.. وتعهداتها التي تتبخر في الهواء.. فقد قالت من قبل إنها لن تقترض مليما واحدا.. إلا إذا كانت هناك دراسات تؤكد قدرة الجهة التي سيذهب إليها القرض علي الاستثمار والسداد.. وها هي الآن تمد يدها لتقترض من صندوق النقد الدولي 12 مليار دولار لسد عجز الموازنة العامة وتدهور الاحتياطي النقدي.. وتسميه الدواء المر.. فلا استثمار ولا تعهدات ودراسات تؤكد القدرة علي السداد.
بالتالي سوف يضاف هذا القرض الجديد إلي قائمة القروض القديمة المتراكمة التي تثقل كاهل الاقتصاد المصري بفوائدها التي تضاعفت.. وتحول بينه وبين الانطلاقة المنتظرة.
وكانت الحكومة التي تشكلت عقب ثورة يناير قد رفضت في 2011 قرضا من صندوق النقد بحوالي خمسة مليارات دولار.. وكذلك رفض المجلس العسكري الذي كان يدير شئون البلاد هذا القرض خشية تأثيراته السلبية علي الاقتصاد.
ومن العجيب أن هناك من يتغزلون اليوم في قرض الصندوق ويشجعونه مع أنهم كانوا من قبل يرفضونه ويمقتونه.. مع ان الصندوق هو نفس الصندوق.. والشروط هي نفس الشروط.. والروشتة المطروحة معروفة للجميع.. يضاف إلي ذلك أن قيمة القرض قد تجاوزت الضعف بين ما كان مطلوبا في 2011 وما هو مطلوب اليوم.
بقي أن أقول إننا نتابع العديد من الشواهد علي تراجع الحكومة عن تعهداتها ووعودها فيما يتعلق بالخصخصة وعدم الاقتراض.. لكننا لم نر شاهدا واحدا علي اتجاهها لترشيد الانفاق والتقشف.. اللهم إلا إذا كان ترشيد التقشف يعني رفع الدعم وتسريح الموظفين وزيادة أسعار الكهرباء والمياه والغاز.. ودفع الناس دفعا إلي الصراخ من الفواتير.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف