الرأي العام في مصر يتابع الآن وبشكل يومي تطورات قضية فساد القمح وضياع مليارات الجنيهات علي مدي العامين الماضيين أثناء موسم توريد القمح وذهاب هذه المليارات إلي جيوب عدد قليل من المافيا والحيتان بمساعدة عدد من المسئولين بالحكومة.
وقد أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي صريحة مدوية بأنه لا تستر علي فساد ولا حماية لأحد مهما كان موقعه ولا تفريط في جنيه واحد من أموال الشعب.
لقد كان الرئيس قويا وحاسما عندما تبين ارتكاب وزير الزراعة السابق صلاح هلال مخالفات جسيمة لصالح أحد رجال الأعمال.. فأصدر الرئيس علي الفور قرارا بإقالة الوزير بل واحالته للقضاء لمحاكمته وتمت معاقبته بالسجن في سابقة لم تحدث من قبل.
وعندما اثيرت قضية فساد القمح وكشفت لجنة تقصي الحقائق المشكلة من مجلس النواب وجود مخالفات هائلة وقيام عدد من كبار تجار القمح وأصحاب الصوامع والمطاحن بتحقيق ثروات طائلة من أموال الدعم المخصصة للشعب أصدر الرئيس تعليماته للحكومة بتسهيل كل الإجراءات للجنة تقصي الحقائق حتي تقوم بدورها بدون أي عراقيل كما قرر مشاركة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة في أعمال اللجنة ومساعدتها في التعرف علي الأرصدة الحقيقية بالصوامع والشون.
وتحرك النائب العام وأصدر قرارا بضبط وإحضار المتهمين في هذه القضية التي يعتبرها الكثيرون أكبر قضية فساد في مصر خلال القرن الواحد والعشرين كما قرر النائب العام التحفظ علي أموال الحيتان الكبار ومنعهم من السفر تمهيدا للبدء في محاكمتهم أمام القضاء.
علي الجانب الآخر بدأت وزارة التموين بمساعدة اتحاد الغرف التجارية وأحد نواب الشعب وهو ملياردير قريب الصلة بالمتهمين في قضية فساد القمح التحرك بسرعة لاحداث انقسام داخل مجلس النواب قبل مناقشة تقرير تقصي الحقائق.. وبدأت الاجتماعات في وزارة التموين وفي نادي الترسانة وعقد لقاءات مع النواب من مختلف الاتجاهات وأعلنت الوزارة موافقتها علي طلبات للنواب كانت مقدمة منذ عدة أشهر كما أجري رئيس الغرف التجارية اتصالات مكثفة بنواب الاسكندرية لدعم وزير التموين خلال مناقشة الاستجوابات المقدمة ضده والتي وصل عددها إلي 11 استجوابا.
أما النائب إياه فإنه يتولي منصبا مهما باتحاد الصناعات في مخالفة صارخة للقانون الذي يلزم نواب الشعب بالتفرغ التام لمهمتهم في مجلس النواب طوال فترة عملهم نوابا للشعب لانه من غير المعقول أن يكون النائب ومهمته الأساسية الرقابة علي الحكومة له مصالح وبيزنس مع الحكومة.
والحق أن هذه التحركات أصابت البعض بالإحباط واليأس في امكانية محاسبة الفاسدين وإعادة أموال الشعب المنهوبة خاصة في هذه الظروف الصعبة التي نحتاج فيها إلي كل جنيه لإعادة بناء بلادنا وعدم الاعتماد علي المساعدات الخارجية.
ولكنني علي ثقة أن الفساد لن ينتصر في هذه المعركة وأن المحاكمات ستطول الرءوس الكبيرة وأن الأموال المنهوبة ستعود إلي الشعب وانه لن يتم التستر علي أي فاسد مهما كان موقعه ولن يفلت أحد من العقاب والأيام القادمة ستثبت ذلك.
وإنا لمنتظرون!!