عياد بركات
ويتجدد اللقاء .. التعليم في عصور القوة.. والانحطاط!
في عصور القوة يكون التعليم في أحسن حالاته وفي عصور الضعف التي تمر مصر بها يكون التعليم في أسوأ حالاته!
التعليم في عصري محمد علي وجمال عبدالناصر كان تعليما جيدا في عصر الأول ظهر رفاعة رافع الطهطاوي وفي عصر الثاني د. أحمد زويل وزملاؤه.
في عهد عباس الأول الذي تولي الحكم بعد محمد علي ابراهيم باشا ساءت حالة التعليم. واغلقت في عهده معظم المدارس.. باختصار كان يكره العلم والتعليم ونفي إلي السودان مجموعة من العلماء واغلق بقرار منه المدارس بحجة تقليل النفقات.
سعيد باشا الذي تولي الحكم بعد عباس باشا كانت له مقولة مشهورة: "أمة جاهلة اسهل قيادة من أمة متعلمة" ورغم سياسته الاقتصادية الجيدة إلا انه بالنسبة للتعليم لم يكن كذلك!
في عهد الخديو اسماعيل حظي التعليم بقسط كبير من الاهتمام حيث انشأت الحكومة كثيرا من المدارس واعيد انشاء ديوان المدارس الذي ألغاه عباس. وازدادت ميزانية التعليم تدريجيا وانشيء عدد من المدارس الابتدائية في مختلف انحاء البلاد واشرفت الحكومة علي الكتاتيب وانشأت بعض المدارس المتوسطة والمدارس العالية التي اصبحت اساسا للجامعة.. جامعة القاهرة فيما بعد.. ومنها مدرسة الألسن عام 1868 ومدارس الري والعمارة 1866 ومدرسة دار العلوم 1872 ومدرسة المساحة والمحاسبة 1868 ومدرسة الزراعة 1867 ومدرسة الآثار والمصريات 1869 والمدارس العسكرية المتخصصة.
في عهد الاحتلال البريطاني من 1882 وحتي 1922 قامت سياسة التعليم علي الارتباط بين حاجة الدولة إلي الموظفين والتوسع في انشاء المدارس حيث أولت سلطات الاحتلال اهمية خاصة للكتاتيب دون الاهتمام بتطويرها كما ربطت القبول بالتعليم الابتدائي بمدي الحاجة لخريجين بالتعليم الثانوي ومما يؤسف له ان التعليم في هذه الفترة اصبح قاصرا علي طبقة اجتماعية معينة هي الطبقة القادرة ماديا بدلا من اعتماده علي الكفاءة والاستعداد الشخصي للتعلم عكس ما كان في عهدي محمد علي واسماعيل حيث كان التعليم داخليا مجانيا.
باختصار اصبح التعليم في عهد الاحتلال البريطاني مقتصرا علي النخبة الاجتماعية واصبح أبناء الطبقة الوسطي محرومين من التعليم بسبب نمو نشاطهم الوطني المعادي للاحتلال.. وكان رد الشعب علي تلك السياسة المطالبة بنظام تعليمي يتسع ليشمل الراغبين في العلم من المصريين.
في الفترة التي تلت ثورة 1919 لم يكن الحال بأحسن حالا بالنسبة للفقراء تعليميا حيث كان كبار ملاك الأراضي يرون ان تعليمهم يجب أن يكون تحت السيطرة والمراقبة ولا مانع أن يقتصر علي أبناء القادرين الموسرين.
في العصر الحالي فاجأتنا جامعة القاهرة.. التي اسسها الشعب المصري فأجأنا رئيسها د. جابر نصار بأن الدراسة بجامعة القاهرة الخاصة تبدأ عام ..2020 وبذلك فإن رئيس الجامعة وضع نهاية لتعليم ابناء البسطاء.. فإذا كان رسوم الدراسة في تجارة القاهرة شعبة اللغة الانجليزية 15 ألف جنيه فبكم ستكون رسوم الدراسة في الجامعة الخاصة.. جامعة القاهرة التي فاجأتنا في عهد د. نصار أيضا بافتتاح شعبة بالرسوم المرتفعة في طب القاهرة مما يعد هدما لصرح طبي عظيم ذي سمعة طيبة.. انه عودة لتعليم ابناء القادرين والموسرين.. الغريب ان رئيس جامعة القاهرة يفتخر بكونه ينتمي لأبناء الفقراء وانه يشرف بأنه ابن فلاح.. عجبي!