الجمهورية
صلاح الحفناوى
فوضي الليد .. وأكذوبة الترشيد
أعترف بأنني في حياتي الشخصية مطيع جدا للتوجيهات الحكومية ليس حبا في الحكومة التي أراها لا تناسب المرحلة.. ولكن هربا من العواقب التي أصبحت وخيمة جدا خصوصا فيما يتعلق بفواتير الكهرباء.. وانطلاقا من هذه الطاعة الاجبارية.. قررت استبدال المصابيح النيون قليلة الاستهلاك أصلا.. بمصابيح الليد الموفرة جدا بحسب زعم اعلانات الترشيد مدفوعة الأجر.
اشتريت 10 مصابيح ليد ممهورة باسم شركة كبيرة جدا.. وكان ذلك خلال تنظيم معرض للشركة في نقابة الصحفيين.. وكان سعر اللمبة الواحدة يتراوح بين 30 الي 40 جنيها حسب قوتها.. ودفعت مقابل ذلك 320 جنيها بالتمام والكمال.. وبعد اقل من شهر كان نصفها قد احترق.. وبعد مرور اقل من 4 شهور كان باقي المصابيح خارج الخدمة.. واكتشفت ان الحديث عن ضمان 3 سنوات ليس خدعة لا يمكن عمليا تطبيقها.. لأنها تشترط الاحتفاظ بعلب المصابيح طوال الاستخدام والاحتفاظ بالفاتورة ثم بعد ذلك يخضع الأمر كله لتقدير البائع.
حدث انني فعلت كل ذلك.. احتفظت بالعلبة والفاتورة وذهبت لبائع في الاسكندرية لاعادة كشاف ليد اشتريته منه ب 25 جنيها.. فاعترف البائع بأن العلبة سليمة والفاتورة صحيحة.. ولكن الكشاف ليس هو الذي كان داخل العلبة ولا هو المذكور في الفاتورة رغم انه لم يمر علي الشراء أكثر من 48 ساعة.. ورفض ارجاعه فاضطررت لاول مرة الي الخروج علي طاعة وزير الكهرباء لأن نار الفواتير أرحم بكثير من نار مصابيح الليد وكشافاته.
التجربة اثبتت للكثيرين ان الحديث عن الضمان الممتد والعمر الطويل والارجاع المؤكد ليس سوي أكذوبة.. وأن الحملة القومية لترشيد استهلاك الكهرباء والتي اعتمدت بشكل اساسي علي الترويج لهذا النوع من المصابيح الموفرة لم تقدم لنا آلية حقيقة لاستبدال المصابيح التي لا تكمل مدة الضمان.. فالمصباح ليس عليه مثلا رقم مسلسل يثبت في الفاتورة لضمان الإرجاع.. العلبة لا تثبت شيئاً.. وفعليا لا أحد يستطيع استبدال المصباح المحترق حتي لو حدث ذلك بعد ايام من الشراء.
لقد شاءت ادارة وزارة الكهرباء.. أن تعتبر من يملك غسالة كهربائية برجوازي.. ومن يمتلك جهاز تكييف واحدا اقطاعي.. وأن التليفزيون ترف والنيون اسراف وأن الليد هو الحل.. وتركت السوق لشركات بئر السلم تستورد أردأ الأصناف وتستغل حاجة الناس.. فهل هكذا تدار شئوننا وهل بهذه الفوضي والتخبط يمكن أن نحقق هدف الترشيد لنرحم الناس من جنون الفواتير.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف