الجمهورية
عبد الحليم رفاعى حجازى
الخلية الأولي في المجتمع
برزت في السنوات الأخيرة حوادث مروعة يدهش لها الناس لدي مطالعتهم لصفحات الحوادث والجريمة بالصحف. وخاصة تلك الحوادث التي تقع بين أفراد الأسرة الواحدة. ويكون ضحايا بين بعضهم البعض لأسباب متعددة.
وكم من أحداث وحوادث وقعت علي مسرح المجتمع وأثرت. وفي سير التاريخ تكمن بواعثها الخصبة في مؤثرات بيئية لابد أن يتنبه لها المتخصصون والباحثون في أحوالنا الاجتماعية حتي يمكن إصلاح أوجه القصور وتجنيب المجتمع مثل هذه الظواهر الدخيلة علي مجتمعنا الإسلامي.
فالبيت مثابة وسكن وفي ظله تدرج الحداثة وتنبت الطفولة ومن سماته تأخذ سماتها وطابعها وفي جوه تتنفس وتتكيف.
يصور الإسلام العلاقة البيتية تصويرا رفافا شفيفا يشع منه التعاطف وترف فيه الظلال ويشع فيه الندي ويفوح منه العبير. والقرآن الكريم لا يذكر المرأة في الغالب إلا مقرونة بالنسل مسئولة عن البيت المسلم: الخلية الأولي في المجتمع المسلم.. ولنقتصر علي تلك الآية من سورة النحل كنموذج من آيات كثار: يقول تبارك وتعالي "والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات" "النحل: 72" أرأيت كيف ساق القرآن نعمة التزوج والإنجاب وذكر البنين والحفدة للإيحاء بجو الأسرة والإحساس بحياة البيت المسلم؟ ذلك ليفقه المسلمون أن وظيفة المرأة أساسا هي تلك الوظيفة لا تتجاوزها إلي غيرها.. ولا تتخلي عنها إلا حين تختل القيم؟
ولكي يهيئ الإسلام للبيت جوه ويهيئ للفراخ الناشئة فيه رعايتها: أوجب علي الرجل النفقة وجعلها فريضة كي يتاح للأمم من الجهد ومن الوقت ومن هدوء البال ما تشرف به علي هذه الفراخ الزغب وما تهيئ به للمثابة نظامها وعطرها وبشاشتها: فالأم المكدودة بالعمل للكسب المرهقة بمقتضيات العمل. المقيدة بمواعيده المشتتة للطاقة فيه.. لا يمكن أن تهب للبيت جوه وعطره ولا يمكن أن تمنح الطفولة النابتة فيه حقها ورعايتها فحقيقة طمأنينة البيت لا تتحقق إلا عن طريق المرأة الصالحة الودود.. وأريج البيت لن يفوح إلا أن تطلقه زوجة وحنان البيت لن يشيع إلا أن تتولاه أم.. والمرأة أو الزوجة أو الأم التي تقضي وقتها وجهدها وطاقتها الروحية في العمل لن تطلق في جو البيت إلا الإرهاق والكلال والملال وأن خروج المرأة لتعمل كارثة علي البيت قد تبيحها الضرورة.. أما أن يتطوع بها الناس وهم قادرون علي اجتنابها فتلك هي المصيبة التي تصيب الأرواح والضمائر والعقول.. وفي سبيل الاستقرار البيتي وقطعا لدابر الفوضي والنزاع فيه جعل الإسلام القوامة للرجل فيه.. وذلك تمشيا مع سياسة التنظيم التي يحرص عليها الإسلام حرصا شديدا والتي جعلت الرسول يأمر الجماعة أن يؤمروا عليهم أحدهم حتي لو خرج اثنان في أمر فأحدهما أمير.
ولقد ضرب الرسول الأعظم أكرم الأمثال في ذلك لأسرته في البيت.. كان ينام مبكرا ويستيقظ مبكرا ويتعهدها بالدين.. ويقود الحسن والحسين إلي المسجد ليدربهما علي الصلاة.. كما كان يفزع إلي الصلاة في أوقات الحرج ويعتمد ذلك أسلوبا يطبقه علي أهله. وقد روي ثابت - رضي الله عنه - قال كان النبي إذا أصابته خصاصة - فقر وشدة - نادي أهله يا أهلاه - يا أهلاه: صلوا صلوا.
ورب الأسرة مسئول عن أهله - رعيته - ومطالب بأن يصبر ويتحمل ليحقق رسالته مع أسرته. التي بأمثالها تنصلح أحوال المجتمع. باعتبارها هي الخلية الأولي للمجتمع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف