صبرى غنيم
مصر للطيران ظلموها في رحلات نص الليل
أكرموا شيوخ المهنة في جميع القطاعات، فكل من أمضي ثلاثين عاما فما فوق استفيدوا بخبرته في إعداد الأجيال التي ستقود مصر للطيران إلي الأمام
الواقعة التي أقدمها لكم تجعلني أقول كان الله في عون وزير الطيران الشاب شريف فتحي الذي ينفخ في قربة مقطوعة للارتقاء بمصر للطيران.. فما بالكم أن يكون أحد طياريها هو صاحب هذه الواقعة فيفترش أرض الطائرة وينام تحت أقدام الركاب.. طبعا هذا لم ولن يحدث في شركة خطوط أجنبية.. لكن بسهولة لأن مصر للطيران " تكية" يحدث عندنا ومش مهم سمعة الشركة.. وإن كان سببه عدم الانتماء.
- باختصار كنا علي رحلة مصر للطيران التي أقلعت من مطار هيثرو يوم السبت في العاشرة والنصف مساء بتوقيت لندن.. وكان مكاني في الصف الأول يسار كابينة القيادة في درجة رجال الأعمال.. وعلي يميني يجلس أحد الطيارين ويبدو أنه كان عائدا علي هذه الرحلة كواحد من الركاب وهذا هو الذي فهمته فيما بعد.. وبعد إقلاع الطائرة بنصف ساعة وجدت أخانا الطيار يدخل الحمام ثم عاد منه بعد أن غير زي مصر للطيران أصبح يرتدي بنطلونا عاديا وبلوفر ويمسك في يده بشكيرا عريضا أخرجه من حقيبته وقام بفرشه علي الأرض تحت المقاعد الأمامية التي يتمني أي راكب في درجة رجال الأعمال الجلوس عليها، وراح صاحبنا في نوم عميق، وكل من يتحرك من الركاب من مقعده ليدخل حمام الكابينة يطل علي صاحبنا وهو راقد علي الأرض لدرجة أن أحد الركاب الأفارقة قام بتصويره.. أنا عن نفسي قررت عدم نشر الصور واكتفيت بإرسالها إلي وزير الطيران لأننا في مرحلة تستحق البناء.. ثم العقاب ليس بالوقف عن العمل أو المجازاة فقد يكون هذا الطيار من أكفأ الطيارين.. قبل أن تأخذ القرار نرجع إلي تاريخه ونتعامل معه.. فقد تصور أن الذي حدث طبيعي جدا مع أنه غير طبيعي أن ينام تحت الأقدام ونساء ورجال يطلون عليه وهو نائم.. علي أي حال النصح مطلوب ولفت النظر مطلوب.. لكن غيرتي أن أري الأفارقة يلتقطون صورا لهذا المشهد...
- الشئ الذي خفف عني هذا المشهد أنني رأيت الانتماء في الصغار.. آه لو أحكي لكم عن المضيفة الشابة "علا سيد انجد" لقد كانت تتنقل بين الركاب مثل الفراشة لم تكف عن الحركة تبذل كل طاقتها لخدمة الركاب.. لمجرد أنني رفضت العشاء راحت أكثر من مرة تسألني ماذا أريد لكي تقدمه لي من مشروبات أو حلو أو فاكهة.. إصرار عجيب وغريب وقد كانت عيون رئيس الضيافة شريف عبد الله تتابعها وكأنه كان ينتظر منها إشارة ليعاونها.. هذه هي عظمة رؤساء الضيافة في دعم مرءوسيهم علي الطائرة.. لم تختلف عنهم "داليا الصبان " والتي كانت تدير مطبخ الطائرة بامتياز.. في الحقيقة الانتماء الذي رأيته كان يطل من عيون هذه النخبة الصغيرة كل منهم يحاول إسعاد الراكب في هذه الرحلة حتي المضيف "هيثم عوني "الذي كان يقوم بتسوق مبيعات السوق الحرة.. شاب حببني في مبيعات مصر للطيران..
- وهنا أقول للوزير الشاب شريف فتحي وزير الطيران لا تتوقع أن تعود مصر للطيران إلي أزهي عصورها التي كانت تحقق بجهود أبنائها أرباحا خيالية.. لأنك لم تحتضن شيوخ المهنة من أبنائها وتتعامل معهم بحرفية.. لكن أن تنزع عنهم صلاحياتهم فهذا يقضي علي الانتماء لأنهم القدوة للآخرين.. فمثلا يعني إيه أن يبقي رئيس الشركة بلا صلاحيات.. هل يستطيع الآن أن يحاسب موظف أمن طائرة لندن يوم أن يسقط من تقريره واقعة الطيار إياه.. نفس الشئ رئيس القطاع التجاري الذي كان في يوم ما المسئول الأول عن المكاتب والمحطات الخارجية والداخلية وقطاع التسويق وتنشيط المبيعات هل يستطيع هذا الرجل الآن تسويق الأماكن الخالية علي الطائرات القادمة من أوروبا بأن يعرضها علي الأجانب فقط بخصم خمسين في المائة لتشجيع السياحة.. ثم هل يرضيك ماحدث مع مدير عام المحطات الرجل الذي يتحمل مسئولية حركة انضباط الإقلاع والهبوط فيعاقب لمجرد أن موظفا في المحطة الأرضيّة أخطأ.. دينامو محطات مصر للطيران عبد الله عثمان لماذا يستبعد عن موقعه كمدير عام للمحطات ويصبح "مستشارا " يعني بلا عمل.. هل هذا عدل، لماذا لا تعودون إلي تاريخ هذا الرجل قبل أن تذبحوه.. هل جزاؤه أنه علم أجيالا من الشباب.. وهل طريقة تعامل أصحاب القرار مع شيوخ المهنة إهانتهم أمام مرءوسيهم من صغار العاملين..
- وهنا أقول وكلامي للوزير.. أكرموا شيوخ المهنة في جميع القطاعات، فكل من أمضي ثلاثين عاما فما فوق استفيدوا بخبرته في إعداد الأجيال التي ستقود مصر للطيران إلي الأمام.. لقد أعجبتني سياسة مدير عام محطات لندن أيمن أحمد في تدريب الكوادر مع أن الرجل لا يملك الصلاحيات في تعديل حجز راكب حتي ولو في ظروف إنسانية فهو يتحملها علي مسئوليته مثل ماحدث معي فقد نقل له مساعده الشاب أحمد فتحي أن حجزي في اليوم التالي لكن لظروف وفاة أرغمتني علي السفر علي طائرة الليل مع أنها أرخص وإذا كان هناك فرق في قيمة التذكرة المفروض أن أحصل عليه لا أدفعه.. فلا أعرف لماذا لا يتمتع مدير المحطة بصلاحيات تعديل الحجز مادام لديه مقاعد خالية.. علي أي حال سفري علي الرحلة الليلية أعطاني الفرصة للرد علي الذين يهاجمون رحلات مصر للطيران ليلا فقد كانت رحلة عشرة علي عشرة..