الجمهورية
صلاح عطية
إعادة توزيع الأعباء وسد كل الثغرات
في خطابه الأخير في مدينة الإسكندرية بعد افتتاحه واحداً من أكبر مشروعات البتروكيماويات في الشرق الأوسط آثر الرئيس أن يكاشف الشعب بحقيقة الأوضاع الاقتصادية بكل وضوح ودون تزيين أو تلوين أو إخفاء لحقائق صادمة علينا جميعاً أن نتفهمها. وأن ندرك أن مواجهتها ليست مسئولية رئيس الدولة وحده. ولا الحكومة وحدها. وإنما كل فرد في هذا الوطن له دوره في المرحلة القادمة التي يتزامن فيها البناء والإنجاز. مع الإصلاح الاقتصادي بكل أعبائه الثقيلة. وأقول أيضاً والمرهقة للجميع.
فالرئيس الذي تحدث كثيراً عن الشعب المصري الذي لم يجد أحداً يحنو عليه يدرك وهو يتحدث إلي الشعب شارحاً الأوضاع التي أوصلتنا إليها الأحداث التي تلت 25 يناير 2011 عظم التضحية التي يطالب بها الشعب وخاصة الطبقات الكادحة والفقيرة ومحدودة الدخل والطبقة المتوسطة المنقرضة والتي هبطت بكل تأكيد إلي مستوي الطبقات محدودة الدخل.. وهو يثق تماماً في استجابة الشعب ومساندته في هذا التحدي.
يشعر الرئيس بأنين هذه الطبقات جميعاً. ولكنه. ونحن معه. يدرك أنه إما العلاج والدواء المر. وإما أن نترك المريض يئن ويتوجع ولا يتجرع العلاج المر. حتي يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
ولا أحد بطبيعة الحال يقبل أن يتردي الحال بمصر. إلي فقدان فرصة العلاج الناجع والخروج من الأزمة والانطلاق علي طريقي البناء والإصلاح معاً.. ولذلك فإن ردود الفعل الإيجابية التي نشعر بها جميعاً هي نابعة من إدراك هذا الشعب لعظم المسئولية والتي عليه أن يتحملها ليس من أجل الحاضر فحسب. وإنما من أجل المستقبل. من أجل أبنائه وأحفاده الذين ستقع علي كاهلهم أعباء ما سوف نقرره الآن.. فإما قبول التحدي وعبور الأزمة.. أو لا قدر الله المستقبل الذي لا نرجوه لهذا الوطن إن لم يأخذ بأسباب الإصلاح دون تردد ودون إبطاء.. ولاشك أن معدن الشعب المصري الأصيل. الذي يتبدي بريقه ووهجه في الأزمات. سوف ينتصر.. وسوف يقبل تحدي المواجهة.. والصبر علي العلاج والدواء المر. انتظاراً لسنوات قريبة بإذن الله. نخرج فيها جميعاً من عنق الزجاجة وننطلق باقتصاد سليم معافي يضمن حياة كريمة لأجيالنا الحاضرة وأجيالنا المستقبلة.
وإذا كانت الدولة تطالب الشعب بالصمود في هذه المعركة.. معركة الإصلاح وبناء المستقبل.. فإن الدولة مطالبة أيضاً بأن تشرك الجميع في أعباء هذه المعركة.. وأن تعيد توزيع هذه الأعباء ليتحملها القادرون أو علي الأقل الغالبية العظمي ممن لا تضيرهم الإجراءات التي نتوقعها جميعاً. والتي للأسف يقع عبئها الأكبر علي غير القادرين.
وأكبر مثال لهذا قانون ضريبة القيمة المضافة والذي يجب أن يتوقف المروجون له عن تقليل أعبائه علي الطبقات الكادحة. وأن يعيدوا تقييم بنوده لكي ينقلوا أعباءه إلي الطبقات الأقدر علي تحمل آثاره الفادحة.
ومثل هذا قوانين الضرائب التي تسوي بين الجميع دون مبرر.. وتتجاهل تماماً ما نادي به رجال الأعمال أنفسهم بإعمال الضريبة التصاعدية ومثل هذا كذلك الحديث عن رفع أسعار المحروقات والتي نفي الرئيس بنفسه أنها ستزيد ولكن بعض الصحف تصر علي تصريحات بزيادتها.. وإذا كان تحريك أسعار هذه المحروقات من مشتقات بترولية عديدة يقدم لميزانية الدولة عدة مليارات. إلا أنه يحرق بنار هذه الزيادة كل ما يستخدمه أو يأكله أو يستخدمه أبناء الطبقات الكادحة والفقيرة.
الدولة مطالبة بالتخفيف عن كاهل الكادحين وأيضاً بالبحث عن موارد جديدة ومصر بحمد الله دولة غنية.. نعم دولة غنية بصحاريها وأراضيها وثرواتها المعدنية وثرواتها الطبيعية.. وفي بند واحد تحدث عنه الرئيس السيسي وهو بند إنشاء المدن الجديدة وإتاحة مليارات الأمتار المربعة من الأراضي. تستطيع توفير المليارات لميزانية الدولة. وتحريك الاقتصاد المصري من خلال صناعة الإنشاءات كثيفة العمالة. وأيضاً التي ترتبط بها عشرات بل مئات الصناعات التي تتنفس وينتفس بانتعاشها الاقتصاد كله.
لا أتحدث عن السياحة.. وما سيحدث عند عودتها.. فهذا حديث يعرفه الجميع ولكن أتحدث عن بند واحد ضمن بنود عديدة لم تجد بعد الاستقلال الكافي والأمثل. وهو بند الثروة المعدنية التي وهبها الله مصر. والتي لم نحسن استغلالها حتي الآن.. ولا أقصد بيعها كمواد خام.. وإنما أقصد التصنيع لكل ثرواتنا المعدنية.. وفي هذا المجال يكفي أن نشير إلي أن مصر تملك نحو مائة وعشرين منجماً للذهب لم يستغل منها بعد غير واحد علي الأكثر.. فأين نحن من طرح عشرات منها للاستغلال؟!
وإذا تركنا ثرواتنا التي لم تستغل بعد. فعلينا أن نهتم أيضاً بثرواتنا المهدرة في استيراد فاجر لمستوردين لا يعرفون شيئاً عن قيمة الوطن ويسعون إلي استيراد أي شيء حتي ولو كانت مصر متميزة فيه.. ولنتصور ما تحفل به محلات السوبر ماركت من واردات استفزازية مثل المانجو المستوردين من المكسيك والبطيخ المستورد من إسبانيا والذرة الشامية المستوردة من أمريكا والفجل والثوم المستوردان من الصين والكبريت المستورد من باكستان.. هل يمكن أن يستمر هذا السفه مع دولة تعاني من نقص شديد في العملة الصعبة. فضلاً عن أنها تتميز بإنتاج كل هذه المنتجات؟!
الطريق طويل للإصلاح.. ولكننا لا يجب أن نترك أي ثغرات.. كما لا يجب أن نفعَّل استغلال أي ثروات.. وسننتصر بإذن الله إذا أحس الشعب بالصدق والرغبة في الإصلاح الذي توزع أعباؤه علي الجميع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف