اخبار الرياضة
ايمن بدرة
الرياضي والفاضي والأعادي
هناك حقيقة لابد أن نتذكرها.. أن المشاركة في الأولمبياد ليست مفتوحة لأي رياضي علي وجه الأرض إلا بشروط وقواعد تأهيل.. فلا يحاول البعض أن يصور لنا أن من يمتلك ثمن تذكرة السفر إلي البرازيل ولديه أموال يحجز بها الإقامة يمكن أن يأتي ويطلب من اللجنة المنظمة أن تشركه في المنافسات سواء مصارعة أو ملاكمة أو أثقال.. أو أي لعبة.
من تأهلوا ليكونوا ضمن 10500 رياضي في الأولمبياد هم صفوة الرياضيين في كل القارات التي تقع علي وجه الأرض.. والفارق في الميداليات لا يختلف عن الفارق بين المستويات الاجتماعية والمادية والتقدم في العديد من المجالات.. هل من الممكن أن نرجع بالذاكرة ونسأل في أي دورة تصدرت دولة افريقية جدول ميداليات الدورات الأوليمبية؟
القمة تتأرجح غالباً بين أمريكا والصين وكان الاتحاد السوفيتي (روسيا حالياً) التي تتعرض لحرب باردة حتي في الرياضة.
من ينال شرف أن يكون لاعب أوليمبي يمثل صفوة الرياضيين علي الأقل في قارته.. لأن لكل قارة عدد محدد ونظام تأهيل.. أما قضية أن يتعامل مع هذا الشرف بجدية وتفاني ويقاتل من أجل الظهور بمظهر جيد فهذا أمر آخر.. ويمثل المعني الحقيقي للرياضة وليس للانتصار أو الضرب بالنار.. كما يحاول البعض أن يفعل ليس من أجل الرياضة والارتقاء بها ولكن أخذاً بالثأر.
التحية لمصارعة الحديد
المعني الحقيقي للرياضة أن تجد كل من في صالة رفع الأثقال من جنسيات مختلفة برازيليين وكوريين وأمريكيين وصينين ورومانين يصفقون للربّاعة المصرية شيماء هريدي وهي تقاتل لترفع الحديد في سباق ضاري مع جبابرة في الوزن المفتوح.. وتسقط فتصاب من أجل رفعة اسم بلدها.
ليس مطلوباً منها أكثر من ذلك أن تبذل كل ما لديها من أجل أن تحسن تمثيل بلدها بعدها تأتي ميدالية أو لا تأتي هذا أمر آخر.
كما هو الحال في كرة القدم.. تلك اللغة التي نفهمها جميعاً ولا نتحدث إلا بها تقريباً.. ليس مطلوباً من المهاجم أن يضمن الهدف.. ولكن المطلوب ألا يتراخي في التسديد أو أن يحاول الاستعراض أو الاستهتار بالخصم.. عليه أن يسدد كرته بكل مهارة وجدية فإذا أصابت الشباك أصابت وكانت الفرحة.. وإذا اصطدمت بالعارضة وخرجت فهذه إرادة الله.. كأن تقف لتسديد ركلة جزاء تنفذها بكل قوة ومهارة فيكون في المرمي حارس مميز موفق يتصدي لها.. هنا المهاجم أدي دوره والحارس أيضاً وكلاهما تباري والنتيجة بعد ذلك ليست في يد أي منهما.. هذا في تقديري هو المعني الحقيقي للرياضة.
الجدية حتي النهاية
أن تقف الشابة المصرية الصغيرة سارة سمير (18 سنة) تحمل في ثبات الحديد وتنفذ الرفعات من غير أي تراخي أو خوف.. وتنجح فيها جميعاً ثم تحصد البرونزية وسط منافسة عاتية.. هذه هي الرياضة.
وليس من الرياضة مع كل التقدير للإنجاز الكبير أن يرتضي محمد إيهاب البطل المتوج في الأولمبياد بالبرونزية ويترك الرفعة الأخيرة بعد أن ضمن الميدالية ويفقد الدافعية لتكملة مسيرته في قوة وحماس.
من الرياضة ومبادئها أن يتحدث ديكوفيتش نجم التنس المرشح الأول للأولمبياد حينما يخسر في الدور الأول ويقول إنني رغم خسارتي إلا أنني سعيد أن زميلي الارجنتيني خوان مارتن بدأ يعود بقوة للملاعب.
لقطة عنترية خدمت الصهيونية
ليس من الرياضة أن يشغل إسلام الشهابي لاعب المنتخب في الجودو نفسه وتفكيره في أن تصوره الكاميرات وهو يرفض السلام علي اللاعب الإسرائيلي الذي كان يواجهه في الدور الأول فيخرج مهزوماً في الميدان ويفتح المجال للآلة الإعلامية الصهيونية لكي تسيء إلي الإسلام والعرب والدولة المصرية.. ويضع الرياضة المصرية كلها في موقف المتهم بعدم احترام القواعد الأوليمبية.
هذه ليست الرياضة أن تكون كل وسائل الإعلام العالمية تصور هذه المباراة ذات الحساسية بين مصر وإسرائيل ولا يكون الشهابي وإدارة بعثتة مستعدون لها نفسياً وعصبياً فتكون النتيجة خسارة رياضية وهو أمر مقبول ولكن أن يكون الرد علي الخسارة بالوقوع في الكمين بعدم مصافحة اللاعب الذي أصر علي أن يظهر منافسه المصري علي أنه يتمتع بروح عدائية.
ويستغل الكيان الصهيوني المجرم هذه الواقعة التمثيلية لكي يتاجرون بها في إعلام العالم.
خرج المتحدث باسم نتنياهو لكي يقول إن هذه مشكلتنا مع العرب وأن هذا اللاعب متطرف.. تخيل أن الحكومة الإسرائيلية المغتصبة للأراضي العربية والتي تعادي أي نشاط إنساني للفلسطنيين والتي أثبت اللواء جبريل الرجوب رئيس اللجنة الفلسطينية أنهم استخدموا الإرهاب في التعامل مع الرياضيين بعد اقتحام اتحاد الكرة في رام الله والاعتداءات المتكررة علي الملاعب والأندية.. يجيء رياضي مصري لمنح هؤلاء الإرهابيين بالظهور وكأنهم ملائكة.. هذه هي المشكلة يا كابتن شهابي أنك مكنت منا الأعادي لكي تحصل علي لقطة.
9600 رياضي فاشل في ريو
هذا هو الفارق بين الرياضي ومن يجلس فاضي يبقي دائماً غير راضٍ عن من يعملون ويجتهدون وإذا وضع في موقف اختبار اختار المظهرية والشعارات الوهمية.. وهذه هي القضية.
هنا في ريودي جانيرو بالمعايير التي يفرضها الفاضيين 9600 فاشل.. لأن المشاركين في المسابقات كما قلنا 10500 والميداليات الأوليمبية حوالي 900 يصبح الباقين فاشلين!! لا داعي لأن يأتوا ويشاركوا.
لاشك أن منهم من تهاون أو تكاسل أو أخطأ في تقديراته للمنافسات ولكن من بذل أقصي ما في قدرته ولم يقصر فهذا هو الرياضي الحقيقي.
حينما نحدد الفرق بين الرياضي الذي يجتهد ويؤدي دوره بجدية وبين من يعتمد علي المظهرية ستكون لنا مكانة أخري غير التي كنا وأصبحنا عليها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف