محمد جبريل
المصريون في ريو دي جانيرو
استعدت - أمام التليفزيون - مشكلة أستاذنا الأديب الراحل إبراهيم عبد القادر المازني. وهو يتأمل المشاهد من حوله. يري في كل شيء ما يستحق الكتابة. تغيب متعة المشاهدة في الحرص علي الالتقاط والتسجيل. وتمنية النفس أن يتحول ما رآه إلي نص يضيف إلي معطياته في المكتبة العربية.
تعرفت في دورة ألعاب ريو دي جانيرو إلي جوانب مهمة من الشخصية المصرية. بيننا وبين المدينة البرازيلية مسافة الليل والنهار. لكن السلوك المصري في ألعاب الدورة عبر عن جوانب لافتة في العادات وطرق التفكير.
رفع الرباع المصري الشاب محمد إيهاب رقما فاق به الآخرين. صفق لنفسه. ودعا الجمهور أن يشاركه فرحته بالنصر. نسي - أو نسي مدربوه - ان رفعته هي الأخيرة من ثلاث رفعات. وهو ما حاول الافادة منه بقية الرباعين. حقق اثنان أرقاما أعلي فحصلا علي الميداليتين الذهبية والفضية. وأراد رباع ثالث أن يقفز علي الجميع فأصيب بخلع في الذراع. وخرج من المسابقة ليحصل رباعنا - بفضل الله - علي الميدالية البرونزية.
وفي بطولة التجديف الفردي ظل القارب المصري في مقدمة السباق. وأنبأنا المعلق العربي بنبرة واثقة أن البطولة خلاص للبطل المصري. ومبروك مقدما.. لكن حكاية الأرنب والسلحفاة التي قرأناها في المدارس تكررت عندما فوجئ بطلنا في نهاية السباق بمن كانوا خلفه يزيدون من سرعاتهم. ويتقدمونه. ويحصلون علي الميداليات الثلاث. وقنع هو - وسط ذهوله وذهول مدربيه - بالتمثيل المشرف.
الواقعة تكررت في مباراة كرة اليد بين مصر والبرازيل. أعترف بأني من غلاة المشجعين لفريقنا القومي في هذه اللعبة. انتزع الفوز من فرق متقدمة علي المستوي العالمي. ونال - من سنوات - بطولة العالم للشباب. وعدداً لا بأس به من نجومه يلعبون في الدوري الأوروبي. وان لم يعرف ذلك حتي بعض نقاد الرياضة. لأن اهتماماتهم مقتصرة علي كرة القدم. ويتابعون المباريات التي يلعبها رمضان صبحي في الدوري الانجليزي. والمكانة التي يحتلها محمد صلاح في الدوري الايطالي. أما نجوم كرة اليد في الأندية العالمية - مثل نجوم ألعاب أخري مهمة - فهم خارج الاهتمام.
ظل الفريق المصري متفوقا بأربع نقاط إلي ما قبل نهاية المباراة بربع ساعة. ورغم التشجيع المذهل للفريق البرازيلي من جمهوره. فقد ظل لاعبونا - بقيادة الأحمر - علي صمودهم وتفوقهم. لكن البلادة حطت بلا مناسبة علي اللاعبين. لم تحركهم كلمات المدرب مروان رجب المتحمسة. وتراجع أداؤهم بصورة غريبة. فصل سخيف من الفصول الباردة التي يفاجئنا بها لاعبونا في المباريات التي نقبل علي مشاهدتها بالثقة في النصر. لكننا نصاب - كالعادة - بالخذلان والحسرة. هل أذكرك بمباريات كرة القدم الأخيرة للأهلي والزمالك مع فرق أقل من مستوياتها الفنية؟
لا ألوم لاعبينا. فالفوز هدف كل اللاعبين. لكننا نحتاج إلي قدرات نفسية إلي جانب القدرات الفنية. نتصور الفوز متناسين من سيأتي بعدنا. أو نستكين إلي بلادة تسلبنا نصرا في قبضة اليد.