الجمهورية
رياض سيف النصر
من يحمي شيوخ الفتنة في الإسكندرية " 2 - 2 "
لا أحد من المسئولين في مؤسسات الدولة. يملك شجاعة الاعتراف بدعم شيوخ الفتنة.. سواء بوعي كامل.. أو بدون وعي!
انشغل الجميع بقضايا صغيرة. وتركوا الساحة للتيار السلفي الجهادي لينشر افكاره الموروثة من العصور الوسطي. ويحتل مواقع الدولة بعد أن عجزت عن تقديم خدماتها لمواطنيها.
فمازال الخلاف يشتعل بين الأزهر والاوقاف. رغم التصريحات الوردية والقبلات المتبادلة بينما يواصل السلفيون ملء الساحات الخالية وتجنيد الشباب.
وعندما خصص شيوخ السلفية خطبة الجمعة لتحريم تحية الاقباط. كان الانقسام قبل موعد الصلاة ومشتداً بين ائمة مساجد الاوقاف في الإسكندرية. بعضهم انحاز لعنوان الخطبة التي اختارها الأزهر "حقوق الاقباط في الإسلام" وبين عنوان الخطبة المكتوبة التي اعدتها وزارة الأوقاف "النظافة في الإسلام".
بينما لا يوجد خلاف بين شيوخ التيار السلفي حول فتاوي التحريم والتكفير.
ومازالت اصداء الخلاف بين محافظ الإسكندرية ووزير التنمية المحلية. تشغل المسئولين التنفيذيين علماً بأن ليس لهم دور يذكر في مواجهة الفتنة التي يشعلها شيوخ السلفية. كما لم يقدم بعض اعضاء مجلس النواب بالمحافظة امارة تدل علي ادراكهم لخطورة الموقف.
ويبدو أن فتاوي شيوخ السلفية لم تعد تزعج في المحافظة طالما لا تتحول إلي أفعال غريبة.
وتكاد أجهزة الثقافة أن تغيب عن المشهد بينما يتوافق المد السلفي الذي تشهده المحافظة مع اغلاق دور السينما والمسارح. ويشير الكاتب عاطف بشاي إلي ما يجري من تراجع في المحيط الثقافي حيث تهدم مسارح كبار النجوم وتتحول إلي عمارات سكنية منها مسرح نجيب الريحاني ومسرح اسماعيل ياسين ومسرح السلام الذي يعد تحفة معمارية بناه جمال عبدالناصر عام 1954 وشهد فترة مهمة في تاريخ مصر المعاصر. وسيقام محله فندق 5 نجوم!
كل تلك الخناقات والانقسامات والانسحابات. هي التي توفر للتيار الحماية ليخوض معارك مختلف تيارات الإسلام السياسي. وفي المقدمة جماعة الإخوان. حتي لو اختلفت الوسائل.. فالأهداف الموحدة تجمع بينهم.
وتدل التهدئة الظاهرة في الشارع السكندري. علي رضا وتيار الإسلام السياسي. عن الدور الذي تؤديه بكفاءة عالية السلفية الجهادية. وترحيب هذا التيار بالصبغة الطائفية التي تمكن التيار السلفي من اشاعتها في الإسكندرية. مما أدي إلي حرص بعض الاقباط للاقامة في عمارات لا يقيم بها غيرهم. وشجع بعض من ينتمون لتيار الإسلام السياسي إلي منع تأجير الشقق التي يمتلكونها للاقباط.
والحديث عما يجري في كليات جامعة الإسكندرية يطول. وقضية الأستاذ الوطني المسيحي. الذي صدم بمعرفة أن ولده الوحيد يراسل الجيش الأمريكي ليطلب التطوع في صفوفه. عقب تفضيل زميل مسلم أقل منه كفاءة عليه في التعيين. واشتد الحوار بينهما أصيب الأب بسببه بأزمة قلبية أودت بحياته.
ويبدو أن الحقيقة الغائبة عن المسئولين في أن مواجهة تيار الإسلام السياسي لا تتحقق عن طريق التعامل الأمني. ولا عن خطب الجمع سواء كانت مكتوبة.. أو تلقائية. وإنما عن طريق المواجهة اليومية لدحض تلك الافكار وتشجيع محاولات التجديد في الفكر الإسلامي بدلا من مطاردة المجددين واقرار قوانين تسمح بسجنهم. وأن تعود الدولة إلي تقديم خدماتها لمواطنيها بكفاءة بدلا من أن تترك للسلفيين ملء الفراغ سواء في مجال التعليم أو الصحة أو غيرها من الخدمات التي تسهل عليهم تجنيد انصار جدد.
والسؤال.. هل تقتصر دعاوي الطائفية علي الإسكندرية.
الاجابة.. لا بالطبع.. فإن الخطاب الطائفي الذي تروج له تيارات الإسلام السياسي. وفي مقدمتها التيار السلفي. تنتشر في محافظات عديدة. ولكن عندما تصل الإسكندرية أهم مراكز الفكر والابداع. فإن الامر يصبح جد خطير.
واستعير عبارة صاحب نوبل وفخر مصر الدكتور أحمد زويل "لقد كانت الإسكندرية وحدها مركز العالم للعلم والفكر والتنوير".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف