نبيل فكرى
مساء الأمل .. ارفعوا الدعم عن المرتب!!
من آن لآخر تلوح الحكومة برفع الدعم ـ المرفوع واقعاً ـ وكأنها "ماسكة زلة علي الناس" فالمفترض حسب كلامها أن كل شيء مدعوم.. الخبز والماء والكهرباء وتذاكر القطارات والمترو. ولم يبق سوي الهواء. والموت حين يأتي.
لي صديق يعمل مدرساً منذ قرابة عشرين عاماً. يتقاضي حوالي 1600 جنيه. وكان مرتبه قد زاد منذ فترة. قبل أن تطاله ضريبة ما بأثر رجعي. ويعمل أخي مديراً لمركز شباب ويتقاضي حوالي 1400 جنيه شهرياً.. وعلمت منذ أيام أنه يبحث عن عمل إضافي ليلاً ليحسن دخله. لكنه لم يوفق في الحصول علي عمل.
كيف تظن الحكومة أن الناس تقضي يومها أو شهرها؟.. كيف تظن أن موظفاً يتقاضي ألفاً وخمسمائة جنيه أو ألفين. يستطيع أن يدبر حاله. فيأكل ويشرب ويدفع إيجار الشقة وفواتير الماء والكهرباء ويمرض ويدفع تكاليف الدروس الخصوصية. ويستقل المترو أو الاتوبيس أو الميكروباص؟.. كيف تظن أنه يعيش؟. ولماذا تلك المنّة الدائمة علي مواطن لم يمن عليها يوماً.. قضي عمره "يشد الحزام". حتي انقطع الحزام و"داب تحته البنطلون" تتحدث الحكومة دائماً عن القيمة الحقيقية للخدمات. ولم تتحدث يوماً عن القيمة الحقيقية للوظيفة أو العمل ـ بغض النظر عمن يعمل ومن لا يعمل فتلك ايضاً مسئوليتها ـ .. لم تتحدث يوماً عن الراتب المدعوم. والذي يحتاج هو الآخر لرفع الدعم عنه. فالناس يتقاضون رواتب لا مجال للعيش بها. إلا بالتسول أو بالسرقة أو بالعمل في ثلاث مهن. لعشرين ساعة.
منذ أيام. تحدث رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب. عن كلفة تذكرة المترو الحقيقية وأنها تصل إلي عشرة جنيهات. وأنه لا يمكن زيادتها إلي خمسة جنيهات دفعة واحدة. ولكن بالتدريج. وكانت الحكومة منذ شهور تضرب أخماساً في أسداس وهي تتحدث عن رفعها نصف جنيه أو أكثر قليلاً.
يا سادة.. الشعب ليست لديه مشكلة في أن يحصل علي الخدمة بثمنها الحقيقي ولكن امنحوه أنتم أولاً هذا الثمن.. امنحوه هو ثمن كفاحه وصبره ومعاناته.. خذوا الراتب كله وأنفقوا عليه وعلي بيته. وبالمناسبة الناس علي استعداد أن تعطيكم علاوة دورية فوق الراتب. لن تجلبها من صندوق النقد. ولكن من صندوق الصبر والكفاح والعرق.
غضت الحكومة الطرف عن كل الوعود السابقة. فلا حديث عن الحد الأقصي ولا الأدني. ولو طبقوه لاستراحوا أولاً وأراحوا. ولم يعد أمامها سوي "الغلابة" تكوي بضرائبها وأسعارها جيوبهم وظهورهم. دون أن تسأل نفسها: ماذا تفعل لو كانت مكان الناس.
ما قبل الصباح:
نحن بحاجة إلي أفكار جديدة.. كل ما تفعلونه استهلك في عقود بالية والنتائج ماثلة.