خيرية البشلاوى
رنات - الإعلامي .. الــ "Low profile"
الإعلاميون أصناف.. أتحدث عن الإعلام المرئي.. التليفزيون تحديداً.. صنف "high profile" استعراضي. عالي الصوت. لديه شعور بأنه "مُهم" يعتقد أنه "رجل خطير" ويمتلك يداً طولي علي المسئولين. ولا شيء يحول دون قدرته علي ممارسة الحرية كما يراها. وبالأسلوب "المنغُم" والمأَسلب "من أسلوب" ويتكئ أحياناً علي الفذلكة والرطانة وتدل الطريقة التي يختارها لجلسته أمام الميكروفون والأناقة المفرطة التي تعكسها اختياراته للتفاصيل الظاهرة في هيئته علي امتلاء بالذات وإن تظاهر بالتواضع. أيضاً اختياراته للبنود التي يسلط عليها الأضواء في برنامجه بدورها تفضح انحيازاته.. أؤكد أنني لا أشير إلي الإعلامي الرجل وإنما للجنسين "الذكر والأنثي".
هذه الفئة تكاد تهمس أو تُذيِل كل فقرة بعبارة "آهو أنا".. إنها فئة كبيرة صغيرة انتشرت بقوة في سنوات الثورة الفوضي ومع اندماج مكشوف الغرض بين الإعلام المرئي والمكتوب وتوحيد تأثير الاثنين بهدف شحن الأدمغة بكروت التضليل والتهويل. وهناك فئة تنتمي إلي الميديا "الموجهة" توحي بالتواضع والعمق مهنياً ثم مع توالي المتابعة والفرجة علي برامجها تكتشف أن مظهرها يواري مخبرها. ومع التغيرات التي تطرأ علي المواقف السياسية وفي الأنظمة الحاكمة إبان الفترات المضطربة الصاخبة في مرحلة من التطور كتلك التي عشناها في السنوات الأخيرة. يتضح أن المظهر الذي يتدثر به البعض يتكشف ويفضح نفسه دون أدني قدر من المساومة حول حقيقة ما كان يداريه ولذا لم يكن مدهشاً وصف البعض لهذه المرحلة بأنها مرحلة فرز بامتياز سقط فيها من سقط من رموز إعلامية حتي وإن ظلوا في الصورة أو تواروا ومنهم من تحول واحتمي وراء موقع آخر غير مرئي.
وهناك فئة لديها "باترون" بشري مستعار من ألبوم إعلامي غربي في الأغلب. يتمثلونه ويستعيرون إحدي سماته أو حتي مَلمحاً بارزاً يمُيزهم ويتصورون أن "الأصل" المسُتعار مجهول. أو ربما معروف ولكن لفئة قليلة جداً يمكن تجاهلها أمام الإحساس الزائد المتُضخم بالأهمية. و"اللهَفَطة" اللغوية ــ إن صح التعبير ــ والمَهارَات المكتسبة والتدريب المُنظم الدءوب إلي أن تُصبح الصورة المصُنعة والأصل المستعار عجينة واحدة وبالتالي ينتقل المضمون من خانة المزُيف إلي الأصيل.. هكذا "!!"
"الإعلامي" التليفزيوني بالنسبة للغالبية العظمي يتحول من مذيع إلي "شومان" showman.. ومن محاور إلي حاوي. ومن ممثل إلي بهلوان. ومن ترس في عجلة مجنونة يتقاضي أجره مقابل وظيفة لها مواصفات تختلف من موقع لآخر. مثلما يختلف المطلوب منها في المراحل الزمنية المختلفة التي يؤديها أمام الكاميرا. أقول ومن "تِرس" إلي "العَجلة" ذات نفسها أو هكذا يتوهم!!.
وهناك فئة نادرة جداً جداً وهي فئة من يعرف قَدْره وقَدَرِه ويؤمن بأهمية الرسالة التي يؤديها. والحَسَنات الجارية التي يتركها لنفسه وللناس حين يترك مكانه ويصبح نسياً منسياً.
في ذات يوم ليس بعيداً سئلت عن أفضل مذيع أو مذيعة تليفزيون لعام 2014 فأخذت أفكر ثم أفكر دون أطيل انتظار السائل.. وأخيراً تذكرت المذيعة "إيمان الحصري". وكانت الأسباب كما تراءت لي: أنها إعلامية من فئة الــ "Low profile" بمعني أنها تمتلك نفساً هادئاً متحرراً من الادعاءات في لغة الخطاب. واعية بأهمية وتأثير المكان الذي توجه منه خطابها. لا يعلو صوتها بطريقة مصطنعة أو بأسلوب يغلب عليه الاستعراض. تشيع احساساً بالمصداقية والأمانة المهنية. جميلة المظهر متواضعة توحي بنقاء المخبر.. وحتي اللحظة لم أشعر بأن لديها "أجندة" شخصية علماً بأنها تعمل في قناة خاصة يمولها رأسمالي كبير.