البديل
محمد سعد عبد الحفيظ
الكبت الأبيض.. والغل الأحمر
لماذا انفجرت مواقع التواصل الاجتماعي، مساء الاثنين “العظيم” عقب المباراة التي هبش فيها نجوم الزمالك لاعبي الأهلي وحسموا بطولة الكأس، بتعليقات، غلب على معظمها الشماتة والكراهية والحقد الدفين على النادي الأحمر وجمهوره.
هل يكره جمهور الزمالك وأنا منهم الأهلي ككيان؟ وما هي أسباب تلك الكراهية؟ وهل “القلش” الذي لم ينته حتى هذه اللحظة على أصدقائنا “الحمر” ما هو إلا تعبير عن حالة الكبت التي سيطرت علينا نحن جمهور “الأبيض”؟ ولماذا وصلت الأمور إلى هذه الدرجة؟
أشجع الفريق الأبيض بالوراثة، فأبي ومعظم أعمامي وأخوالي يعشقون الزمالك إلى حد التعصب، يكرهون الأهلي ويتمنون خسارته حتى لو كان يلعب مع فرق أجنبية، لم أدرك وأنا في طفولتي أسباب تلك الكراهية وهذا الحقد، حتى فاز الأهلي على الزمالك في الدور الثمانية من كأس مصر عام 1985، “3-2” في مباراة انتهى وقتها الأصلي بالتعادل “2-2″، وتمكن ناشئو الأهلي من حسمها في الوقت الإضافي بهدف الصاعد طارق خليل شقيق مهاجم الزمالك “الفلتة” علي خليل، وابن عم خليل صاحب محل أدوات منزلية بجوار منزلي بمدينة بني سويف، وما إن أطلق الحكم صافرة نهاية المباراة، حتى انطلقت “الزفة الأهلوية” في شارع إسلام من أمام قهوة أبو ليلة، يتقدمها حمار أبيض دهنه “جمهور نادي الأخلاق والمبادئ” بخطين حمر، هاتفين “شي حا.. الزمالك أهو”، و” أه.. أوة.. قال أية عايزين يخدوه”.
أغلق أبي نوافذ المنزل، ومنعني من النزول، حتى لا أختلط بأهل المبادئ، خاصة أنهم كانوا يستهدفون في هتافاتهم مشجعي الزمالك من أهل الحتة، حينها فقط بدأت كراهيتي للنادي الأحمر.
مع الوقت بدأت مشاعر وسلوك الأقلية تفرض نفسها علي تصرفاتي وعلاقاتي الكروية، فجمهور الأهلي الأكثر عددا والأعلى صوتا في الحق والباطل، يعشق “الجعجعة”، حتى وإن لم يكن هناك طحن، يهللون في الفوز والخسارة.
في منتصف التسعينيات شكل الزمالك، ما عرف حينها بفريق الأحلام، ضم في صفوفه أسماء كبيرة مثل أحمد الكأس وقاسي سعيد وأيمن منصور والشيشيني والغندور وصبري، تمكن الأبيض بالفعل في الدور الأول للدوري أن يتقدم بفارق 13 نقطة عن الأهلي، وهو ما دفعني إلى مراهنة أصدقاء القهوة، على أننا سنحسم الدوري والكأس معا، ومع سخونة الدور الثاني بدأ الزمالك في ممارسة هوايته في فقد النقاط، حتى تمكن الأهلي في النهاية من حسم الدوري والكأس، وكسب الرفاق الرهان، ولم أتمكن من الذهاب إلى القهوة أو إلى الكلية لمواجهة “الجعجعة”، وفضلت الجلوس على شاطئ النيل في منطقة كانت شبه مهجورة وحيدا أنفخ دخان سجائري التي كنت أدخنها من وراء أبي حتى يحترق صدري، وأعود إلى المنزل متأخرا بعد أن يختفي الجمهور الخلوق من الشوارع.
لم أتمكن ولو لمرة من “التهليل” على أصدقائي من جمهور الأهلي، في حالة خسارة فريقهم، فهم يملكون القدرة على “العكننة” عليك حتى لو كنت كسبان، ومع الوقت صرت على قناعة أن الأهلي هو فريق الدولة، يتشارك مع الحزب الوطني ونظام مبارك في كثير من الصفات، لا يرى جمهوره الآخر، مصاب بغطرسة وغرور القوة حتى وهو في أضعف حالاته، تتبع إدارته دوما سياسة التكويش وتفريغ باقي الفرق المنافسة من مواهبها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، كلما ارتفع نجم النادي الإسماعيلي وتمكن من إحراج الأهلي في أي منافسة، عمدت إدارة الأحمر على مفاوضة لاعبي الدراويش وضمهم حتى ولو كان مصيرهم دكة الاحتياطي، لتضمن خروجه من المنافسة في الموسم التالي.
نعم الأقلية الزمالكوية تكره الأهلي وتحقد عليه بسبب ممارسات إدارته “الرشيدة”، وجمهوره “الخلوق”، نعم لدينا كبت بسبب تعدد إخفاقات فريقنا بسبب سوء الإدارة والتخبط، عبرنا عنه عقب المبارة الأخيرة واستخدمنا فيه نفس أساليب الجمهور الأحمر.
أعلن جمهور الأبيض عقب المبارة الأخيرة التمرد على سلوك الأقلية، “أحنا كتيييير”، وسنعامل “الغلوية الحمر” بنفس أخلاقهم.. “الثورة قادمة”.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف