صالح علي شرنوبي شاعر مصري ملأ الدنيا هتافا شعريا ونغما تعشقه الاذن الفنانة. وتمعن العقول النظر فيه لتتغذي من معانيه. وافكاره. عاش عمره القصير اذ انه توفي قبل ان يكمل السادسة والعشرين من عمره انتج فيها عشرات القصائد الشعرية الرائعة يموت تحت عجلات قطار الدلتا في صباح عيد ذهب فيه لزيارة أهله ببلطيم ليقضي معهم الأيام الفرحة فإذا بالفجيعة تصيبهم بموته بل اصابت عالم الشعر كله.
كان طالبا بمعهد دسوق الديني ويناديه عفاريت الشهر وملائكته. فلا تتقبل روحه التكلفة في عالم الجمال والحرية نظام الدراسة وتتوهج شاعريته ويلتهم الكتب التي تقع تحت يده قراءة واستيعابا وبحثا ويطوف في كل اغراض الشعر ويتعثر دراسيا فينتقل الي المعهد الاحمدي ويهيئ الله له شيئا من مدرسيه يعشق شعره فيتنقل معه الي مدينة طنطا ليرعاه ويتعهده حتي يحصل علي شهادة الثانوية الازهرية.
يذهب القاهرة فيلتحق بكلية دار العلوم ثم بكلية اصول الدين ولم يوفق في اي منهما.
يعمل مدرسا بالمدارس الخاصة.. وتسوقه الاقدار للتعرف علي الشاعر صالح جودت الذي كان يقدم في الاذاعة المصرية برنامجا يقرأ فيه اشعار الشباب. ويلتقيان ليبدي الشاعر صالح جودت اعجابه الكبير بشعر الشاب صالح شرنوبي ويعطيه اهتمامه.
.. في تلك الفترة يقع شاعرنا في شباك عاطفي لراقصة معروفة فيكتب عنها الاشعار الراقية وتمر الايام وسنون ويتخلي الجمال عن تلك الراقصة ويراها في نقابة الممثلين فيكتب فيها قصيدة بعنوان اطلال راقصة.. ويراها في نقابة الممثلين فيكتب فيها قصيدة بعنوان اطلال راقصة.. يصف حالتها ويشبهها بالكأس الفارغة التي استلهم الشاربون ما فيها شارب بعد اخر ويقول: قصة الكأس انت مثلتها يوما وقد كنت مثلها للجميع.
يصيف مجنونا في قصيدة يقول فيها: حسبوه مجنونا وفي رأسه ثارت عواصف من عقل.. تأمل هذا التصوير الرائع الذي لايخطر علي عقل وخيال شاعر غيره.
ابتليت امه بأخت له تسمي هيام يصفها في قصيدة تجرح كل قلب يقرأوها عطفا عليها وحنانا يقول فيها: أختي قعيدة شاعر غزل.. أختي تميمة ساحر الخيل.. أختي هيام وأنت من أهلي.
لأنا الحزين عليك يا أختي .. لأنا الحزين وان طغي فرحي
وسكرت من دهري ومن قدحي .. حتي أحسن كهمسة الشبح
فاراك ماثلة علي قربي .. وأري دعاب الصحب من ذنبي
ثم يصف حزن أمه عليها فيقول :
اذا الطبيب وصحبه تاهوا
قالت أصحاب الجن مرماه .. قالت وقلت افلس القدرا
الجن مأمور قد أوتمرا .. والله فكر خير الفكرا
يمضي صالح شرنوبي بنشد فلسفية واجتماعية واسلامية ونفسية.. يترك لنا تراثا شعريا تتولي وزارة الثقافة طبعه في الستينيات بمقدمة ودراسة للدكتور عبدالحي دياب وكان الشاعر صالح جودت بعد وفاة الشاعر قد اخرج ديوانا صيغها به بعض اشعاره.
مات صالح شرنوبي سنة 1951 واعتقد انه لم يقل كل مالديه من شعر جميل وانه كان لديه الكثير يهتف به في أذان الزمان شعرا جميلا تفخر به العربية يضعه في مصاف الشعراء العالميين مثلما رأي ذلك الناقد الشاعر دكتور عزالدين اسماعيل في مقال له نشر بمجلة الرسالة في فترة الستينات.