المساء
مؤمن الهباء
شهادة .. مباراة في البرلمان


مرة أخري.. سوف نشهد مباراة في البرلمان بين النواب والحكومة حول قانون ضريبة القيمة المضافة.. ومرة أخري سوف تفوز الحكومة في النهاية كما تعودنا.
النواب كانوا يؤكدون دوماً رفضهم القاطع لأية ضرائب جديدة من حيث المبدأ.. وكانوا يذكرون الحكومة بتعهداتها السابقة بعدم فرض أية ضرائب أو أعباء علي كاهل المواطنين.. خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية التي تسببت في رفع أسعار السلع والخدمات بأكثر من 60%.. لكن الحكومة ربطت الضريبة الجديدة بإجراءات الإصلاح الاقتصادي المقدمة إلي صندوق النقد الدولي من أجل الحصول علي قرض بـ 12 مليار دولار.. ومن ثم أصبح مجلس النواب أمام الأمر الواقع.. وليس أمامه غير الموافقة.
لكن النواب فوجئوا بأن الحكومة تطلب إقرار الضريبة بنسبة 14% وهي نسبة كبيرة ستؤدي حتماً إلي زيادة جديدة في الأسعار لن يتحملها الصانع أو التاجر وإنما سيتحملها المستهلك النهائي الذي هو المواطن كما جرت العادة.. خصوصاً اننا نفتقد لإجراءات رقابية صارمة وقوانين وأجهزة فعالة لحماية المستهلك.
من هنا بدأت عملية ضغط و"جس نبض" بين النواب والحكومة من بعيد لبعيد.. النواب يقولون لابد من تخفيض الضريبة إلي 12% ولن نوافق علي أعلي من ذلك.. ولابد أن تكون هناك بالتوازي إجراءات فعلية لضبط الأسعار ومراقبة الأسواق.. لكن الحكومة أصرت.. ومازالت تصر علي نسبة الـ 14% دون أي تنازل.
بعد فترة من التصريحات والتصريحات المضادة كان هناك تسريب مقصود عن اتفاق غير مكتوب بين الجانبين يقضي بأن تكون الضريبة 12% لكن صوت الحكومة ارتفع مؤخراً ليؤكد انه لا تراجع ولا تنازل عن الـ 14%.
ونقلت الصحف عن مصادر وزارة المالية قولها ان الوزارة متمسكة بهذه النسبة التي وضعتها في مشروع القانون ولن تبدي أية مرونة في تعديلها وان اقرار الضريبة بأقل من 14% سيتسبب في خلل بالموازنة العامة للدولة.. ويكفي ان الحكومة أبدت تفهماً لبعض مطالب طرحها أعضاء في لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان مثل إعفاء سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة وخدمات التعليم حتي المدارس الدولية والخدمات الصحية بدون أسباب صحية مثل عمليات التجميل.. ولم يعد من الممكن في ظل هذه الاعفاءات التفاوض علي نسبة الضريبة.
واللافتة التي ترفعها الحكومة الآن ان هذا هو وقت القرارات الصعبة اللازمة لتطبيق برنامج الاصلاح الاقتصادي.. لا صوت يعلو علي صوت القرارات الصعبة مهما كانت النتائج.. لا تراجع ولا استسلام.. ولا خوف من رد الفعل.. لا عودة إلي سيناريو .1977
حسناً.. إذا كان هذا هو موقف الحكومة وتلك لافتتها.. فماذا سيكون موقف النواب وماذا ستكون لافتتهم.. هؤلاء النواب جاءوا إلي مقاعدهم.. وحصلوا علي امتيازاتهم وحصاناتهم لكي يمثلوا الشعب ويدافعوا عن مصالحه ويكونوا صدي أميناً لنبضه.. فماذا يقول نبض الشعب؟!.. وهل سيستطيع النواب أن يوصلوا هذا النبض للحكومة؟!
لا شك.. المباراة ستكون حامية.. وكل طرف لديه حججه ومبرراته.. وإذا أراد النواب أن ينجحوا في مهمتهم وأن يكسبوا المباراة.. فعليهم أن يكونوا هم أنفسهم علي اقتناع كامل بعدالة قضيتهم.. وان الشعب لم يعد قادرا علي تحمل المزيد من الضرائب وان الحكومة تخدع نفسها وتخدعنا أيضاً عندما تتصور ان الضريبة ستطبق علي التاجر والمنتج ولن تمس المستهلك بل ستكون في صالحه.
لكن التوقع الأكبر هو ان النواب سيوافقون علي طلب الحكومة في النهاية وسيتبنون منطقها وموقفها وسيكون ذلك مؤشراً لموقف مجلس النواب عندما يناقش القضايا الأخري الأكثر سخونة مثل ملف جزيرتي تيران وصنافير سيكون قراره معروفاً مقدماً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف