عبد القادر شهيب
وهم الباحثين عن بديل للرئيس
يدركون أن فوزه هو الاحتمال الارجح إذا ما خاض هذه الانتخابات ولذلك ركزوا جل اهتمامهم علي منعه من الترشح أساسا
مصادرة حق الباحثين عن رئيس جديد آخر غير الرئيس عبدالفتاح السيسي ، وبدون التقليل من شأن الساعين لقطع الطريق علي السيسي للترشح لفترة رئاسية جديدة.. فإنني أبادر بالقول أن هؤلاء واهمون.. والسبب أن رغبتهم في إبعاد السيسي عن منصبه أو منعه من الاستمرار فيه قد طغت عليهم إلي حد أضعفت قدرتهم علي قراءة سليمة للواقع.. واقع مصر داخليا وخارجيا.
أعرف أن الراغبين في رئيس جديد لمصر غير السيسي يبذلون جهودا حثيثة بدأت مب كرا لمنعه من الترشح لفترة رئاسية جديدة، وينفقون الكثير لتحقيق ذلك، وتحديدا لجذب الناخبين بعيدا عنه، ويحظون بدعم لوجيستي خارجي كبير يتمثل بلغة العسكريين في تمهيد نيراني إعلامي مكثف يستهدفه الآن بشكل مركز.
وأعرف أيضا أن نشاط هؤلاء سوف يتزايد يوما بعد آخر ونحن نقترب من موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر أن تجري في عام ٢٠١٨، وأن هذا النشاط سوف يستبيح أي شيء في سبيل تحقيق ما يريدون .. ابتداءمن ترويج الشائعات وحتي استخدام العنف أيضا.
وقبل ذلك كله أعرف أن قواعد اللعبة السياسية تقوم علي المنافسة بين أكثر من مرشح، وأن التنافس السياسي تستخدم فيه كل الأسلحة للنيل من المنافسين وجذب الناخبين، وما نراه ونتابعه الآن في المعركة الانتخابية الامريكية الرئاسية بين هيلاري وترامب تجاوز كل الحدود، ويلهم بعض من تستهويهم التجربة السياسية الامريكية ويعتبرونها المثل الذي يتعين أن يحتذي.
لكنني بجانب ذلك كله أعرف أشياء وأمورا أخري عجز هؤلاء عن رؤيتها لانهم لا يرغبون في رؤيتها ويرفضون تصديقها.. وأهم هذه الامور أن عبدالفتاح السيسي مازال حتي الآن يحظي بقدر ليس قليلا من الدعم الجماهيري، رغم تململ في صفوف ابناء الطبقة الوسطي ومادونها بسبب الغلاء وارتفاع الاسعار الذي لا يتوقف.
دور السيسي في ٣٠ يونيو والثالث من يوليو لا ينساه كثيرون في البلاد.. وليس ذلك فقط كثيرون أيضا حتي من بين الذين ارتفعت أصواتهم بالنقد لبعض ما يقول به أو لبعض ما يقوم به يرون أن بديله هو عودة الإخوان بمساعدة أمريكية مجددا لحكم البلاد.. أي أنه في تقديرهم هو البديل الوحيد الآن لقطع الطريق علي الإخوان لاستعادة حكم البلاد الذي طردوا منه قبل نحو ثلاثة أعوام مضت.
ويبدو أن هذا ما يقتنع به بعض الذين ارتفعت أصواتهم في الاعلام الخارجي والدولي تطالبه بعدم الترشح لفترة رئاسية ثانية..
.. فإن دعوته هذه تعني أنهم يدركون أن فوزه هو الاحتمال الارجح إذا ما خاض هذه الانتخابات ولذلك ركزوا جل اهتمامهم علي منعه من الترشح أساسا، علي غرار ما فعلوا من قبل حينما لجأوا إلي حيل عديدة لحثة علي عدم الاستجابة لدعوة شعبية للترشح للرئاسة، وكان من بينها محاولة إقناعه أن احتفاظه بمنصبه كوزير للدفاع سوف يتيح له الاحتفاظ بحب الملايين ، بينما توليه رئاسة الجمهورية والذي يتضمن اتخاذ قرارات صعبة سوف يقلل من هذا الحب!
ثم أن السيسي مازال حتي الآن يعتمد أسلوب المصارحة والمكاشفة مع عموم الناس، وهذا أسلوب يتيح له تبديد أو تقليص آثار كل محاولات الراغبين بالنيل منه أو الذين يستهدفون تشويش علاقته بالرأي العام. ولعل هذا يفسر كثافة التمهيد النيراني الاعلامي الذي يستخدمه الساعون لمنعه من الترشح لفترة رئاسية ثانية أو الباحثون عن رئيس جديد يصلح بديلا له في انتخابات الرئاسة المقبلة، والذين يبدو أنهم لم ينتهوا في بحثهم هذا إلي ما يسعون إليه، لان رغبتهم في ابعاد السيسي عن قصر الاتحادية هي الطاغية عليهم.
أيضا فإن السيسي لا يحظي فقط بتأييد شعبي يسمح له بالاستمرار في منصبه حتي نهاية فترته الرئاسية والترشح لفترة رئاسية ثانية، وإنما هو يحظي بدعم ومساندة قوية من القوات المسلحة، ليس فقط لأنه ابن من ابنائها وإنما لقناعة داخلها بسلامة وصحة مواقفه وما ينتهجه من سياسات.. وهذا يمكن رصده بوضوح في الجهد الذي تقوم به القوات المسلحة في انجاز العديد من المشروعات الكبيرة العديدة التي يتم تنفيذها في ربوع البلاد، والتي تعد بنودا أساسية في برنامجه الانتخابي.. وهذا معناه أن الرهان من قبل البعض علي تكرار ما حدث بالنسبة للجيش في يناير ٢٠١١ ، ويونيو ٢٠١٣ هو رهان خاطئ ولن يتكرر.
لذلك.. فإن ما يراود البعض الآن سواء في الداخل أو الخارج في البحث عن رئيس جديد للبلاد، غير الرئيس عبدالفتاح السيسي هو نوع من الوهم الذي يصطدم بواقع يرفض هؤلاء في ظل رغبتهم في رئيس جديد آخر الاعتراف أو التسليم به. وحتي رهانهم علي تغيير هذا الواقع من خلال ما يقومون به من جهود وأعمال ونشاط إعلامي هو رهان خاسر أيضا، لانهم يستفزون مشاعر قطاع واسع من المصريين ، لأنهم ربطوا أنفسهم بالضغوط الاجنبية التي تتعرض لها البلاد الآن.. والمصريون لا يقبلون أن يملي عليهم أحد خارج بلادهم شيئا.. أما اذا نجح الحاكم في تلافي بعض الاخطاء والسلبيات سوف يسلب هؤلاء هذا الرهان تماما.