الجمهورية
الشيخ سعد الفقى
مولانا
في بدايات حياتي في وزارة الأوقاف عملت إماماً وخطيباً لمسجد الشيخ عبيد بمدينة نبروه وهو من أكبر مساجد المدينة في ذلك الوقت. وللمسجد مكانه في قلوب أبناء المدينة فقد عمل فيه الراحل الشيخ/ محمد متولي الشعراوي إمام الدعاة والشيخ العلامة الزاهد الراحل/ عبدالسلام أبوالفضل أحد أعلام مدينة المحلة الكبري. إضافة إلي كوكبة من العلماء الذين صعدوا منبره علي مر الزمان. وفي المسجد الشهير تعلمت كيف يكون الداعية إلي الله قدوة ونموذجاً يحتذي به وكان من حسن حظي أن التقيت بالوالد الكريم الراحل الحاج/ سيد أبوميرة وهو من تجار المدينة وأفقههم دراية بأمور الدين والدنيا. تعلمت منه أن الدعوة إلي الله رسالة لا وظيفة وأن الجزاء الأوفي يكون من الله الذي لا تضيع عنده الودائع. تعلمت أن أعطي بلا انتظار وأن أثر بلا طمع بما في أيدي الآخرين. وأن أترك حمولي علي الله. وأن أكون عفوياً في كل تصرفاتي. وأن اجتهد في ارضاء خالقي. تعلمت منه البساطة في المشي وفي المأكل والمشرب. وأن القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود. وأن الأرزاق بيد الله وحده وأن احترم الصغير والكبير. معاني كثيرة تعلمتها من الرجل الذي كان قبلة للحياري والمحتاجين ومن عضدهم الدهر بنابه. ولولا مشقة السفر من قريتي إلي المدينة لتمنيت المكث في مسجدي لسنوات عديدة. المهم أنني بعد عمل استمر لأكثر من عامين طلبت نقلي إلي قريتي حيث أسكن ولم يدر بخلدي أن العمل وسط الأهل يمكن أن يجر عليك الويلات وكان لابد من عبور كل المطبات وليس أمامك إلا تحمل زيادة الأعباء وثقل الأحمال. خضت التجربة الجديدة علي نفسي إلا أنها كانت فريدة ومثمرة. وفي مسجد القرية القديم أو الكبير كان من حسن حظي أن التقيت الراحل الشيخ/ ذاكر يوسف عبدالحميد وهو من الرعيل الأول لحفظه كتاب الله وإضافة إلي ذلك خادماً للمسجد وفي أوقات فراغه كان صياداً للسمك. وكان يحلو له الاصطياد بعد صلاة الفجر وحتي الشروق. وكان كثير العيال وللراحل الكريم معي مواقف نبيلة لا يمكن حصرها وإن كان عنوانها الأبرز الاخلاص والآيثار. ومع أنه كان وسيط الحال إلا أنه كان كريماً فمن يديه تحتسي كوباً من الشاي قل إن تجد له مثيلاً. وقد كان يختصني بتناول الأسماك التي يأتي بها من البحر. ومن فضائله أنه سمح لي بقيادة مركب الصيد الذي كان زاداً له في هوايته. مرة بعد أخري حتي أصبحت قائداً ماهراً بشهادة الجميع. وكم من المرات كنت انفرد بقيادته والتحرك به ذهاباً وإياباً لمسافة تزيد علي الكيلو متر لاسيما في شهر رمضان المبارك. وتحديداً قبل الإفطار. رحم الله مولانا الذي غادرنا إلي العالم الآخر منذ سنوات إلا أنني أبداً لا أنسي له مواقفه وكرمه وأنه كان خادماً مخلصاً لبيوت الله عز وجل. وهي صفات نفتقدها في كثير ممن يعملون في المساجد من الخدم؟؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف