الوفد
علاء عريبى
حكم الغافل والنائم بالكمين
كنا نتحدث عن الشأن الداخلي، وعرجنا إلى واقعة كمين العجيزى بمدينة السادات فى محافظة المنوفية، واتفقنا خلال المحادثة الهاتفية على أن وقوع قتلى ومصابين بين أفراد الكمين يعود إلى: تراخى القوة، ضعف تأمين حدود الكمين، ضعف التسليح، ضعف التدريب، وأن هذه السلبيات تسهل للإرهابيين تنفيذ الجريمة والفرار من موقع الحادث، وبينما أطلب لأولادنا الذين استشهدوا بالكمين الرحمة، فوجئت بالصديق العزيز يسألني:
ــ هل من قتلوا بالكمين يعدون من الشهداء؟
قلت له:
_(وعين باتت تحرس فى سبيل الله).
قال:
_العين المنتبهة وليست الغافلة أو المتراخية.
بعد أن استوعبت دهشة السؤال، جلست أستعيد مشهد الكمين، ومشاهد الأكمنة الثابتة التى تمت تصفية أفرادها فى سيناء والفرافرة والقاهرة وغيرها وراح ضحيتها العديد من أولادنا الجنود والضباط والأمناء، واستدعيت سؤال الصديق فى صياغة مباشرة: هل من قتل خلال نومه أو تراخيه أثناء الخدمة يعد شهيدا؟، هل النائم والغافل والمتراخى أثناء الخدمة يعد ممن أسماهم الرسول صلى الله عليه وسلم بـ: (عين باتت تحرس فى سبيل الله)؟.(الحديث رواه ابن عباس ، وأقدم رواية وصلتنا فى سنن الترمذى ت 279هـ)
ولصعوبة السؤال وحساسيته، هربت إلى سؤال آخر، وهو: ما هى عقوبة المتراخى والغافل والنائم أثناء الخدمة؟، ماذا لو قام أحد الضباط بالمرور على كمين وفوجئ بتراخى أو إغفال أو نوم أفراد الكمين؟.
عندما كنا نخدم فى القوات المسلحة بعد تخرجنا في الجامعة، كانوا فى الوحدة يوزعوننا على نوبتجيات(نبطشية) ليلية ونهارية، تبدأ الليلية من المغرب وحتى الصباح، وكانت تسمى برنجى وكنجى وشنجى، وكنا نحمل السلاح ونقف للحراسة طوال النبطشية، فى بعض الأوقات كنا نتراخى وننام، ويمر الضابط أو الشاويش المسئول عن النوبتجية، ويلتقط من النائم سلاحه ويتركه حتى يستيقظ أو يخفى السلاح ويقوم بإيقاظه، وإن كان جالسا مسترخيا يحاول سرقة سلاحه، وفى الحالتين كان الضابط أو الشويش يحيل النائم والمتراخى إلى مكتب القائد، ويعلن بجريمته ويقر القائد عقوبة توازى الفعل، وكانت فى الغالب السجن أو الحرمان من الإجازة الشهرية، كما كان الضابط أو الشاويش يحاول إلقاء الغافل على الأرض وانتزاع سلاحه، وإذا نجحت المحاولة يتم تدويره مكتب ويعاقب، وكان مبرر العقوبة دائما هو إنك فى حالة النوم أو الغفلة أو التراخى تعرض نفسك للقتل، وتعرض المعسكر ككل للخطر، لأنك تسهل للعدو دخول المعسكر، وسرقة السلاح أو قتل أفراده، ووظيفة النوبتجية أن تكون متيقظا وتنبه أفراد المعسكر والقائد فى حالة الهجوم أو الاقتحام من قبل العدو، أفراد المعسكر أمانة فى عنقك، وإغفالك أو تراخيك أو نومك يعرضهم ويعرضك ويعرض البلاد للخطر، ومن ثم يبعدك عمن وصفهم رسول صلى الله عليهم وسلم بالعين التى تبيت فى حراسة الله، وبالتالى لن تنال درجة الشهادة.
استدراك: ماذا لو كان سلاحه غير كافٍ؟، وماذا لو كان موقع الكمين غير آمن؟، وماذا لو كانت خطط تأمين الكمين ضعيفة؟، من الذى يتحمل دماء المقتول: مدير الأمن، مدير المباحث، مفتش المباحث، مدير الأمن العام، رئيس مباحث القسم أو المركز، وزير الداخلية، رئيس الجمهورية؟.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف