فتحى محمود
عبد العظيم مناف .. الإنسان والمناضل
فى قاعة العزاء الكبرى بمسجد عمر مكرم تجمع يوم السبت الماضى عدد كبير من الشخصيات التى تمثل مختلف الأجيال والتيارات من الصحفيين والإعلاميين والسياسيين والمثقفين وغيرهم، حشد تجمع فى عزاء فقيد العروبة الكاتب الصحفى الكبير عبد العظيم مناف رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير مؤسسة الموقف العربي، مثلما كان يتجمع حول الفقيد فى جلساته ومحاوراته ونقاشاته ومواقفه الإنسانية التى جعلت مخالفيه فى الرأى أكثر تمسكا بصداقته .
وإذا كانت آفة المثقف المصرى هى الانفصال عن البيئة المحلية التى خرج منها خاصة إذا كان من ابناء الريف، فإن عبد العظيم مناف كسر هذه القاعدة بشدة وارتبط بقريته منشأة الحاج ببنى سويف بشكل وثيق حتى آخر لحظات حياته، وبنى فيها مدرستين على نفقته الشخصية، وكان يحلم ببناء كليات ومعاهد وخاصة للدراسات العربية على قطعة أرض خصصها لهذا الغرض.
لقد نجح عبد العظيم مناف فى تحويل مجلة «الموقف العربي» ـ أول مطبوعة خاصة تصدر رسميا بعد ثورة ٢٣ يوليو ـ إلى مدرسة ضمت مئات الأقلام من مختلف الاتجاهات بالدول العربية، الذين تحولوا بعد ذلك إلى نجوم على الساحة السياسية والإعلامية.
ولا أجد أفضل من كلمات الأمين العام السابق للمؤتمر القومى العربى معن بشّور فى رثاء الأستاذ مناف تعبيرا عن شخصية الفقيد، حيث قال: قلّما اجتمع الظرف الإنسانى مع الصلابة الوطنية، والتعليق الساخر مع الالتزام القومي، كما اجتمعا مع الراحل الكبير والغالى عبد العظيم مناف صاحب جريدة «صوت العروبة» ومجلة «الموقف العربي» اللتين حملتا لواء التصدى لكامب ديفيد والدفاع عن الإرث الناصرى والقومى فى أكثر الأيام حلكة فى حياة مصر.
فى الجريدة والمجلة اللتين أقامتا فى شارع قصر العينى فى القاهرة قرأ المصريون للمرة الأولى لأقلام شابة باتت تحتل اليوم أهم الأعمدة فى الصحافة المصرية.
كان الصحفى القومى الشجاع يحرص على أن يجتهد ليعبر عن أفكاره بالطرق المميزة فارتبط اسمه «بالثلاثيات» التى تختصر أكثر الأفكار تعقيدا، «حضارة، جسارة، جدارة» كانت إحدى تلك الثلاثيات التى كان يرددها عبد العظيم مناف فى بغداد إبان مؤتمرات التضامن مع العراق بوجه الحصار والعدوان.
مناف كان يقول «بالسلم» المزيف أرادوا إخراج مصر من انتمائها ودورها، وبالعدوان والحرب أرادوا إخراج العراق وسوريا وليبيا واليمن، لكى لا يبقى فى المنطقة سوى الكيان الصهيوني.
ويضيف معن: قبل أيام سألت صديقنا المشترك نقيب أطباء السودان العائد إلى بلده من مصر الدكتور أحمد الشيخ عن أخبار عبد العظيم فأخبرنى أن ألصديق الحبيب مريض بشدة فى جسده لكنه حاضر بقوة فى روحه المتمردة على المرض الجسدى كما كانت متمردة دوما على الأمراض التى تفتك بجسد الأمّة لاسيّما الطائفية والمذهبية والإقليمية والعنصرية.
عبد العظيم سيفتقدك أحباؤك الكثر، سيفتقدون صلابتك وسخريتك ومودتك وابتسامتك المتحدية لكل المصاعب والمحن.
وبمناسبة الحديث عن الصحافة، اضم صوتى إلى صوت الأستاذ يحيى قلاش نقيب الصحفيين الذى ناشد جميع الزميلات و الزملاء تقديم افكارهم ومقترحاتهم حول مايجب ان يتضمنه مشروع القانون الجديد لنقابة الصحفيين ليواكب ماجرى من تطورات على المهنة و سوق العمل وثورة الاتصالات التى ازالت الحواجز والقيود .
فقانون النقابة الحالى الذى تم اقراره منذ نحو ٤٦ عاما ورغم ماجاء به من ضمانات ومكاسب كبيرة فى وقتها الا انه اصبح عاجزا عن الاستجابة للتطورات التى طرأت على اوضاع المهنة ومفهوم الصحافة حاليا فضلا عما به من المواد المنسوخة والتى لا يتم العمل بها، اضافة الى مواد عديده تحتاج الى ادخال تعديلات جذرية عليها، ومواد اخرى ضرورية للتعامل مع القضايا الجديدة والمستحدثة .
واهم المواد التى تحتاج الى تعديل تلك التى تتعلق بموضوعات القيد وموارد النقابة وضمانات ممارسة المهنة وقواعد ونصاب عقد الجمعية العمومية ونظام الانتخابات ، وابرزالقضايا المستحدثة والتى يجب ان يشملها القانون الجديد تلك التى تتعلق بمستقبل الصحافة الورقية وعلاقتها بالصحافة الالكترونية وتعريف جديد لمن هو الصحفى وضمانات علاقات العمل ووسائل الحماية للصحفي.
> كلمات:
ليس من من الضرورى أن يكون كلامى مقبولا، بل من الضرورى أن يكون صادقا
سقراط