المساء
محمد جبريل
ع البحري .. الاستقلال أولاً
حين قامت ثورة الجزائر في الخمسينيات من القرن الماضي كانت تواجه تحديين أولهما إصرار المستوطنين الفرنسيين علي أن الجزائر فرنسية. ظل ذلك رغم أن الحكومات الفرنسية المتعاقبة منذ احتلال الجزائر في أواسط القرن التاسع عشر واجهت فكرة الاستقلال وحق تقرير المصير - حتي في العهد الديجولي - بأقسي العنف أما التحدي الثاني فقد تمثل في تشرذم جماعات المناضلين لانتزاع حرية الجزائر وعروبتها.
لم تطلق الثورة رصاصتها الأولي إلا بعد أن واجهت التحدي الأول بتوحيد جماعات المقاومة في جبهة واحدة هي جبهة التحرير الوطني الجزائرية أسقطت الجماعات خلافاتها الأيديولوجية وتوحدت في تنظيم موحد جعل الحصول علي استقلال الجزائر هدفه الأهم باعتبار أن خلافات العائلة الواحدة ينبغي إرجاء طرحها في ظل خطر إلغاء الوجود.
استطاعت جبهة التحرير أن تقود شعب الجزائر في نضالة لانتزاع حريته وعروبته حتي تحقق هدفها ثم أبانت الجماعات عن تباين أيديولوجياتها في معالجة القضايا الداخلية.
الاستقلال أولاً!
تمنيت لو أن المفاوضات التي تجري الآن بين فصائل المقاومة الفلسطينية جعلت من التجربة الجزائرية مثلاً لها الحكم في ظل الاحتلال بلا قيمة ما لم يكن هدفه النهائي تحرير الأرض.
لا معني للاختلافات والمناقشات العقيمة والمزايدات ومحاولات التوريط والتنابز بين أبناء الوطن الواحد ممثلين في توزع الجماعات والفصائل.
المنطق العلمي الموضوعي يفرض الأهم فالمهم الأهم الآن أن تجاوز الفصائل الفلسطينية تحدي التشرذم لتواجه تحدي الاحتلال من خلال منظمة التحرير الفلسطينية التي ينبغي ان تصبح كل الفصائل كيانات عضوية فيها لا أعني إهمال المصارحة والمكاشفة فلابد أن يطرح كل طرف ملاحظاته علي الطاولة عوامل الإيجاب والسلب فضلاً عن تجاوز من أفادتهم القضية دون مقابل من أي نوع إلا إذا اعتبرنا محاولات الفرقة والانقسام هي ذلك المقابل المرفوض.
الحقيقة التي يجب ان تطمئن إليها ضمائر الجميع ان الشعب الفلسطيني هو أشد الشعوب بذلاً في عالمنا المعاصر بالشهادة والتهجير والنفي والتدمير والظروف القاسية دوماً.
تولي السلطة - في الأوضاع القاسية الحالية التي يعيشها الشعب الفلسطيني - يجب أن تكون مجرد طريق نحو الهدف.
إن للسياسة الإسرائيلية استراتيجياتها وتكتيكاتها وعلي الفصائل ألا تخدعها التكتيكات من مثل الانتصار لفصيل علي آخر لأن الاستراتيجية الصهيونية - في تصرفات قادتها وأقوالهم وشعاراتهم - لم تتبدل ولن تتبدل إلا إذا أدرك قادة إسرائيل أنهم يواجهون شعباً له قيادته الموحدة لا العديد من الجماعات التي يسهل تفكيكها وإخضاعها للمؤامرات الداخلية وأساليب الصهيونية في ذلك - كما نعلم - لا نهاية لها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف