المساء
مؤمن الهباء
شهادة .. عربون المحبة
ليس بمقدور العرب الدخول في مواجهة عسكرية مع إسرائيل حالياً.. هذه حقيقة لها أسبابها المعروفة.. ولكن حين لا يكون بمقدور العرب أن يتخذوا موقفاً دبلوماسياً موحداً ضد إسرائيل.. وفي قضية واضحة وضوح الشمس مثل المنشآت النووية.. فذلك أمر فوق الاحتمال.. ليس لأنه دليل ضعف عربي.. وإنما لأنه دليل علي الهوان العربي العام. وانعدام الإرادة.
الأكثر من ذلك أن العرب توافقوا علي "عدم المطالبة بالتصويت علي قرار بشأن البرنامج النووي الإسرائيلي".. من خلال قرار اتخذ في جامعة الدول العربية.. وهو ما يضع ألف علامة استفهام علي الدور الذي باتت تلعبه الجامعة في هذه المرحلة.. إذ لم يعد هناك تنسيق من أي نوع في اتجاه العمل العربي المشترك إلا فيما يتعلق بتنسيق التطبيع المجاني.. إذا ما سارت الأمور في طريقها المرسوم.
الخبر نشرته صحيفة "ها آرتس" الإسرائيلية يوم الخميس الماضي ومر عليه أربعة أيام دون أن تتصدي لنفيه الجامعة العربية.. أو أي دولة من دولها.. رغم الإساءة البالغة التي يلحقها بالجميع.. كما لم يُكلف أي مصدر عربي نفسه مشقة التعليق علي الخبر المخزي.. وكأن الأخبار المخزية صارت شيئاً عادياً في حياتنا.
قالت "ها آرتس" نقلاً عن برقية سرية أرسلتها وزارة الخارجية الإسرائيلية إلي عدد من سفاراتها في الخارج أن الدول العربية تعتزم الامتناع عن التصويت علي مشروع قرار بشأن الرقابة علي المنشآت النووية الإسرائيلية خلال المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي ينعقد الشهر القادم.
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن ثلاثة دبلوماسيين إسرائيليين اطلعوا علي مضمون البرقية السرية التي بعثت بها الخارجية الإسرائيلية إلي السفارات أن الدول الأعضاء في الجامعة العربية اتخذت قراراً بعدم المطالبة بالتصويت علي قرار بشأن البرنامج النووي الإسرائيلي.
وقالت الصحيفة إن مبعوثي الدول العربية أوضحوا لمسئولي وكالة الطاقة الذرية والممثلين الأمريكيين في الوكالة أنه خلافاً لما جري عليه العُرف في السنوات الماضية. فإن الدول العربية ليس لديها خطة لتقديم قرار بشأن القدرات النووية الإسرائيلية في مؤتمر الشهر القادم.. وعلي الجانب الآخر رحب السفير الإسرائيلي لدي الوكالة بقرار الدول العربية.. ووصفه بأنه "خطوة إيجابية تفسح المجال لحوار إقليمي هادف في المستقبل".
واختتمت "ها آرتس" قصتها الإخبارية المثيرة مؤكدة أن قرار الدول العربية يعد ـ بحسب دبلوماسيين إسرائيليين كبار ـ الأكثر استثنائية.. مشيرين إلي أن الدول العربية بقيادة مصر دأبت علي أن تتقدم بقرارات ضد المنشآت النووية الإسرائيلية بشكل سنوي تقريباً منذ عام .1987
لا شك أن القصة محزنة ومخزية.. وإن كنا نعترف بأن قرارات الدول العربية أمام مؤتمرات وكالة الطاقة الذرية طوال السنوات الماضية لم تقدم شيئاً.. وكانت شكلية لتبرئة الذمة. وذر الرماد في العيون. أكثر من كونها قرارات جادة وحاسمة.. لكنها كانت تقول في النهاية إن العرب موجودون.. ولهم قضية.. أما الآن فقد انتهي الأمر إلي لا شيء.
كنت أتمني أن تسارع الجامعة العربية لنفي هذه القصة.. وتخرج علينا بأدلة تؤكد عكس ما قالته "ها آرتس".. خصوصاً أن العرب يتخذون موقفاً قوياً وحاسماً ضد المشروع النووي الإيراني.. فهل من المعقول أن تعلو أصواتنا ضد إيران. وتصمت تماماً في مواجهة إسرائيل؟!!
ثم إن القصة لا تتعلق فقط بالمنشآت النووية الإسرائيلية.. وإنما تلقي بظلال من الشك حول التفاهمات والتحالفات التي تتباهي بها إسرائيل هذه الأيام مع ما تسميه بـ"محور الدول العربية السُنية المعتدلة" في المنطقة في مواجهة إيران.
هل صارت إسرائيل بالفعل جزءاً من تحالف عربي إقليمي يضم تركيا أيضاً.. لمواجهة المشروع الإيراني؟!.. وهل الصمت العربي إزاء المنشآت النووية الإسرائيلية هو عربون المحبة؟!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف