عام ١٩٤٢ عبر الفنان الكوميدي القدير عبد الفتاح القصري في مشهد من فيلم " لو كنت غني" عن حال الموظفين المغلوب علي أمرهم عبر العصور حتي وقتنا الحالي من تدني رواتبهم وضعفها أمام شبح غلاء الأسعار طوال التاريخ علي الأمة المصرية ، منتظرين نفحة كل عام في شكل علاوة لصمود المرتب أمام شبح غلاء الأسعار المتوحش الذي يلتهم معظم دخل الموظف ويجعله عاجزا لتلبية إحتياجاته المعيشية ، والآن مهددًا تحت رحمة إقرار مشروع قانون الخدمة المدنية المتعثر بمجلس النواب فلربما مواده تكون سلاحًا لضياعها أو الغذاء بصاحبها، فنري القصري أبرز الفنانين الارتجاليين بالسينما المصرية من خلال الجمل والإفيهات التي لا تمحو من ذاكرة التاريخ.
فقد تصارعت أفكاري بين متعة سماع حوار القصري من راديو سيارتي " والتي أغفلت رحلة العذاب اليومي إيابا وذهابا من عملي " مع مديره بالعمل طلباً منه ممثلاً لزملاءه علاوة ، وما بين شكاوي موظفي الدولة من نقصان العلاوة أو ربما تصبح تاريخاً يحكي للأحفاد ، فكيف نكون محلك سر في مشاكلنا عاجزين عن حلها بعد مرور ٧٤ سنة ، ولما لا وهو من صنع مبدعي الزمن الجميل فقصته وحواره للكاتب الكبير أبو السعود الأبياري وسيناريو وإخراج المبدع هنري بركات ، فيقول القصري : النهاردة رطل الطماطم بقي ب ٥ تعريفة واللحمة اللي كانت ب ٤ صاغ النهاردة بقت ب ٨ ونأكلها بكماشة ، وعلبة السجائر اللي كانت بصاغ بقت بصاغين ومن غير علبة كبريت ، والأرز بنسمع عليه سمع ، فيرد المدير عليه : يعني اقصدك إيه ؟ ، القصري : يعني بقول لساعتك كل شئ لا مؤاخذه بيغلي ثمنه والبني آدم بيفضل زي ما هو لازم يغلي هو كمان مع السوق ويرتفع شوية، المدير : يعني عايزين أيه أنا مش فاهم؟ ، القصري : عاوزين علاوة ، المدير : علاوة علاوة يعني أيه؟ ، القصري شارحا : هو ساعتك ما تعرفش العلاوة " اع ال او اة " علاوة زودة غلاء معيشة وساعتك عينك كلها نظر وشايف الحالة اللي أحنا فيها ، المدير : أنا متأسف وما اقدرش أدفع مليم علاوة لأحد ، القصري مستنكرا : يعني مفيش علاوة ! ، المدير نهاراً : لا مفيش أتفضل روح شوف شغلك ، القصري مستسلما : طيب رايح أشوف شغلي سلام عليكم " هتنزل المرة دي".
بينما إذا قابلت القصري موظفاً في ٢٠١٦ هيقول : الأسعار نااااار يا أخونا الأرز بعد ما كان ب ٣ جنيه بقي ب ١٠ ومفيش حاجة بتزد وترجع تقل تاني ، بصراحة بيننا نشتري من السيارات المتنقلة لأن أسعارها أقل لكن الأسواق أسعارها كلها مولعة لا نافع مرتب ولا علاوة غير الكهرباء والغاز والمياه ، حتي جلبياتي بقت واحدة في السنة بعد ما كنت بفصل ١٠ أيام العز قصدي لما كان الصاغ صاغ والمليم مليم والكبير قوي الجنيه لما كان له قيمة ومكانة رهيبة ايه اللي دهوره كده بيقولوا الدولار ولع والتجار الجشعين ووجود محتكرين للسلع والنفوس استبدلت والضمير مات وحبنا لبعضنا رااااح واقتصادنا بينهار والحكومة ليصة وغرقانة في شبر ميه وبتجري علي الغريب وناسية أبن البلد وبتستورد الاستفزازي وسايبة العمل والإنتاج بالمصانع والمزارع ، ياولداة المستشفيات عايزة علاج ولا دواء والمدارس محتاجة عقول وتعليم بلا تسريب ، ومرتبات الموظفين لا تحتاج توصيلة بعلاوة ده عايزة تسعين علاوة وسبوبة أمام غلو الأسعار .. لا حول ولا قوة إلا بالله .