رضا محمد طه
قسوة وظلم مع عشوائية في التفكير
خلال هذا الشهر عايشت مواقف وأحداث متنوعة صدرت من البعض عكست تلقائية عفوية أو عشوائية وعدم تخطيط أو حسن تدبير سواء لأمورهم الشخصية أو المشتركة مع الآخرين، مثلاً شخص أعرفه قام منذ أيام بدعوة ما يقرب من ثلاث آلاف شخص-نصفهم أطفال-لحضور زفاف نجله في قاعة قدرتها الإستيعابية ثلاثمائة فرد،تحت شعار "لقمة هنية تقضي مائة" وأنه لا يريد أن يغضب أحد من معارفه، النتيجة أن القاعة تحولت الي مولد أو "سويقة"، اللقطة الكوميدية والمهزلة الكبري كانت وقت بدء البوفيه المفتوح وكانت منظر مأساوي أدي الي غضب الجميع من الجميع بمن فيهم العروسين طبعاً. شخص آخر اعرفه وضعه المالي الحالي ليس في أفضل حالاته-نظراً للظروف التي تمر بها البلد-قد أصابه الدور في قرعة الحج هذا العام مما إضطره للتصرف والتفريط في بعض الأشياء الثمينة كان يمتلكها كي يستكمل ثمن الحج والتي إرتفعت بشكل ملحوظ هذا العام، وللعلم أن هذا الشخص قد أدي فريضة الحج-سياحي-منذ حوالي ثمان سنوات حيث كانت ظروفه المادية أفضل بكثير عنها الآن، بالإضافة الي أن بيته قد يكون في حاجة للنقود لزوم تكاليف حجته. عدد من الأخوة يمتلكون قطعة أرض ولا تصلح أن تباع مجزأة بعددهم،أحد جاءت عليه ظروف تستدعي حاجته الشديدة والمُلحة لبيع تلك الأرض كي يحصل علي نصيبه من ثمنها ويسد حاجته، وعندما طلب أخيهم عرضها للبيع إعترض باقي الأخوة، فلا هم يريدون شراء نصيب أخيهم المحتاج ولا يريدون بيعها أستخصاراً بحجة أنهم قد لا يحسنون إستثمار نصيبهم من النقود بشكل أمثل في تلك الأيام الغير مُشجعة للمغامرة في مشاريع. الأكثر مرارة ومدعاة للعجب، أنهم إستهجنوا ما قام به اخيهم من بيع لشيء يملكه هو ويعتبره البعض من ضروريات الحياة الآن للأسرة الميسورة، وعاتبوه بقسوة علي ان تصرفه يضر-علي حد تصورهم-بشكلهم ومكانتهم الإجتماعية أمام الآخرين، الخلاصة أنهم كما يقول البسطاء في مثل تلك المواقف "لا بيرحموا ولا يريدون أن تنزل رحمة ربنا علي غيرهم". حينما تغييب الاهداف الحقيقية عن حياتنا نشعر بفراغ ولا نملأه سوي بالتفكير العشوائي والغير منظم بأمور تعتبررفاهية ويغيب عن تفكيرنا الأولويات الحقيقية لحياتنا في المجتمع، فقد قامت مجموعة ممن يديرون أمور مسجد بإحدي القري بحملة لجمع تبرعات من الاهالي لشراء تكييف وتغيير موكيت للمسجد، مع العلم أن الموكيت القديم بهذا المسجد حالته جيدة ولا يلزم تغيره، بالإضافة الي أنه من الرفاهية التفكير في تكييفات بالمسجد علي الأقل قد يسيء البعض إستخدامها وبدون لزوم، في المقابل توجد مدارس وأماكن قبيحة في تلك القرية في أمس الحاجة لمستلزمات سليمة وضرورية أو حتي دورات مياه آدمية للتلاميذ، ناهيك عن وجود العديد من الفقراء والمساكين الذين يفتقرون لأساسيات الحياة من مأوي ومرافق وغيرها. العجيب أن من يمتلكون مهارة التخطيط الجيد والتفكير العلمي المنظم يتم محاربتهم وإبعادهم من قبل من يعتنقون ولا يحبون إلا العشوائية والفوضي في قضاء الأمور، لأن وكما يقولون "نصف المعيشة في حسن التدبير" ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم "حسن التقدير مع الكفاف خير من السعي في الإسراف"، وللأسف نحن نفكر كثيراً ونظل نفكر بلا توقف، لكن التفكير المنظم السليم لا يشمل سوي القليل من تفكيرنا إن لم يكن غير موجود بالأساس عند البعض، لذا يجب إخضاع تفكيرنا-بالمران والممارسة-لإرادتنا الواعية وعدم تشتييته والإستفادة من تجارب الآخرين وكذلك من أخطائنا بالإضافة الي عدم المكابرة أو الإنكار وأن المناخ غير مهيأ في هذا الزمن كي يعمل أحد نفسه "أبو عرام".