نوال مصطفى
هل يستمع الوزراء إلى الشباب فعلا؟
شىء رائع هذا الذى يتم الآن من خلال البرنامج الرئاسى للتأهيل على القيادة، ونموذج المحاكاة للدولة المصرية الذى صممه الشباب لحلول مختلفة لمشاكلنا الصعبة، المزمنة وعلى رأسها المعضلة الاقتصادية.
جميل أن يحضر أربعة وزراء فى الحكومة الحالية المنتدى الذى أقيم لإجراء تلك المحاكاة، وأن يستمعوا إلى الوزراء الافتراضيين من الشباب فى نموذج المحاكاة. وأن يتعرفوا على زوايا أخرى يرى من خلالها الشباب مشاكل بلدهم، وأن يفتحوا مسام عقولهم ومسارات تفكيرهم لفكر آخر، مختلف، لعلاج تلك المشاكل.
الوزراء الأربعة كانوا وزراء الثقافة والأوقاف والسياحة والزراعة فى اليوم الثانى للمنتدى. الشباب عرضوا 19 نموذجا للمحاكاة منهم نموذج يتعرض لانهيار الأخلاق فى مصر وكيفية استعادة القيم المصرية الأصيلة عن طريق الارتقاء بالفن ورعاية الدولة للأعمال التى تحمل قيمة وقدوة، ونموذج آخر تعرض لتحديث الخطاب الدينى، وثالث ناقش حلولا مبتكرة للنهوض بالسياحة لواحدة من أهم الصناعات التى تجلب العملة الصعبة، وأحد أهم مصادر الدخل القومى فى مصر.
شىء جميل أن تدعو مؤسسة الرئاسة خمسين نائبا فى البرلمان لحضور هذا المنتدى، وكذلك ممثلى الهيئات والوزارات المختلفة فى الدولة للاستماع إلى الحلول التى يقدمها شباب واع مثقف، جاءته الفرصة للمشاركة فى بناء بلده، فتحمس وتأهب للتعلم والتدريب والتفكير. هكذا تسير الأمم نحو التقدم، بالفكر أولا قبل أى شىء.
الفكر هو رأس المال الحقيقى لأنه قادر على استدعاء وجذب رؤوس الأموال بجديته، وطزاجته، وقدرته على اختراع حلول ممكنة، لمشاكل مزمنة. لذلك أحيي الرئيس السيسى الذى فكر فى تأسيس هذا البرنامج الهادف، الذى استقبل خمسمئة شاب وشابة كدفعة أولى، على أن تتوالى الدفعات.
أحييه كذلك على احتضان ورعاية المنتدى الأول الذى يقدمون من خلاله فكرهم ورؤاهم، فليس هناك أهم من التشجيع بالنسبة للشاب حتى ينطلق بكامل طاقته، وخالص حبه وانتمائه ليعمل ويعطى. يفكر ويغير.
أحيى الرئيس أيضا على حضوره جلسة يوم الاثنين الماضى واستماعه لبعض نماذج المحاكاة ومناقشته لهم بشأن الكثير من القضايا التى تشغل المصريين جميعا وعلى رأسها أزمة الدولار، وما تعكسه من غلاء غير محتمل فى الأسعار.
لكنى، ومع كل التقدير لتلك الخطوة المهمة فى إشراك الشباب فى تطوير منظومة العمل الحكومى فى مصر، أشعر بأن بعض الوزراء كانوا يتحدثون من موقع المدافع، وليس بدافع الفضول، ومحاولة الفهم لاستيعاب ما يطرحه الشباب، تمهيدا لدراسته ورؤية مدى ملاءمته لمصر.
أتمنى أن أكون مخطئة، لكن الواقع للأسف يفرض علينا هذا التوجس. فعندما يطالب رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل الناس بتنظيم النسل وهو الخطر الذى يهدد كل جهود التنمية مهما عظمت، ثم يذهب بعض النساء إلى الصيدليات فلا يجدن أقراص منع حمل متوافرة، كما تذهب أخريات إلى مستشفيات وزارة الصحة فلا يجدن «لوالب» فهذا هو العبث بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
متى نضيق الفجوة بين حكومتنا وأصحاب الأفكار الخلاقة التى من شأنها أن تغير مصر؟ تلك هى المشكلة التى يجب أن نبحث لها جميعا عن حل!