محمد عبد الحافظ
بدائل للطاقة »ببلاش« مشروع مصر القومي 2017
في عام 1990 كلفني الأستاذ الراحل سعيد سنبل رئيس مجلس الإدارة ورئيس تحرير »الأخبار» بإجراء تحقيق صحفي عن »البيوجاز»، وهو عبارة عن استخراج الغاز من مخلفات الحيوانات.
ووقتها كانت تتبني المشروع جمعية أهلية تسمي (خضرة) التي اختارت قرية بمحافظة الشرقية لتطبيق هذا المشروع، ومنفذو المشروع كانوا طلبة المدرسة الألمانية.
وركبت معهم الأتوبيس من القاهرة وكانت تتبعنا سيارة نصف نقل تحمل المعدات اللازمة من فئوس وخراطيم وبعض المعدات الأخري، وما إن وصلنا وجدنا في انتظارنا رجال وسيدات وشباب القرية، وبدأ الحفر أمام كل منزل عبارة عن بئر عمقها لا يزيد علي مترين. ويوضع فيها ما يشبه الصندوق الحديدي وله غطاء، وعرضه 3 أمتار وطوله 3 أمتار وعمقه متران، وبه ثقب في الغطاء تخرج منه ماسورة تسمح بأن يوضع بها خرطوم، يتم توصيله بأي جهاز يستخدم الغاز.
الأدوات بسيطة جداً، وتم تجربة المشروع بعد أن تم وضع مخلفات الحيوانات في الصندوق الحديدي، وأغلق الغطاء، وتم توصيل الخرطوم ببوتاجاز مسطح في المنزل الريفي الذي أجريت فيه التجربة.
هذا المشروع قام به كل شباب القرية، وللأسف لم تسعفني الذاكرة في تذكر اسم القرية، وحاولت الرجوع إلي الأرشيف لأنقل الاسم ولكن للأسف وجدت الطبعة الرابعة، بعد أن تم رفع الموضوع وموضوعات أخري كثيرة من الجريدة بسبب غزو العراق للكويت. مما اضطر كل الصحف إلي تغيير كل الموضوعات وتخصيص كل الصفحات لتغطية هذا الحدث الجلل الذي كان أول مسمار في نعش صدام.
تذكرت هذه التجربة التي مر عليها أكثر من 26 سنة وأنا أقرأ خبراً نشرته جريدة الحياة اللندنية نقلاً عن (أ.ف.ب) بالأمس القريب عن نجاح قرية تايلاندية تدعي »بادينج» في توليد الكهرباء من روث الحيوانات باعتبارها طاقة بديلة، بعد أن عجزت كل جهود توصيل شبكة الكهرباء لهذه القرية عبر الأدغال.. وسكان هذه القرية فكروا في هذا المشروع بعد أن نجح مئة منزل بالقرية في استخدام روث الحيوانات في استخراج البيوجاز واستخدامه كوقود.
الأمر غير معقد، وسهل للغاية، فيكفي وضع المخلفات في صندوق محكم فيخرج الغاز، الذي يعتبر طاقة نظيفة وصديقة للبيئة.
> > >
ظني أن المشروع قابل للتعميم في كل قري مصر، وفي مناطق الاستصلاح الجديدة، والتجربة أثبتت نجاحها، وفي ظل ارتفاع سعر الطاقة في مصر، وزيادة الدعم الموجه لكل مصادر الطاقة، سواء في استخدام الغاز بمحطات الكهرباء، أو في استخدامه كوقود في المنازل، فإنه لابد من البدء فوراً في تعميم هذا المشروع، ويكون موازياً لجهود رفع العبء عن الدولة في تحمل تكاليف دعم الغاز، ورفع العبء عن أهالينا في القري الفقيرة في تحمل الأسعار الجديدة للغاز والكهرباء.
وأقترح أن تقوم الوزيرة النشيطة سحر نصر وزيرة التعاون الدولي مع وزير البيئة خالد فهمي في البحث عن منح دولية لتنفيذ ونشر مشروع البيوجاز وتعميمه في كل قري مصر، وليكن ذلك مشروعا قومياً وهدفا لنا في عام 2017، وعند بدء المشروع يمكن أن يكون مجالاً خصباً لتشغيل شباب هذه القري، بمساعدة طلبة الجامعات لمن يريد أن يتطوع، كما يمكن أن تساهم فيه الجمعيات الأهلية، وأعتقد أنه سيفتح مجالاً للشباب الذين يريدون البدء في مشروع صغير، سواء في تصنيع »تانكات» تجميع روث الماشية ومخلفاتها، أو في تصنيع المواقد التي تعمل بالبيوجاز.
أما وزير الكهرباء محمد شاكر فلابد أن يجري اتصالات مع نظيره في تايلاند لتطلع علي تجربة توليد الكهرباء من البيوجاز لتطبيقها في قري مصر.
> > >
لابد أن يكون هذا هو تفكيرنا وتفكير الحكومة للوصول إلي بدائل غير تقليدية لحل الأزمات التي تواجهنا.
وتظل تحيا مصر بأولادها.
آخر كلمة
مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة.. وفكرة