جلاء جاب اللة
يا أمة كانت اسمها "العرب"!
في لقاء وزير الخارجية سامح شكري مع أوائل الثانوية العامة برعاية "الجمهورية".. سأل طالب الوزير عن تأخر قيام القوة العربية المشتركة وغياب الوحدة العربية.. أجاب الوزير مشكوراً إجابات دبلوماسية وقال إن الحديث عن إقامة القوة العربية المشتركة لايزال قائماً وأنها مبادرة مصرية تهدف إلي حماية الأمن القومي العربي.
وأن هذه المبادرة تأخذ في الاعتبار المخاطر المرتبطة بالأوضاع الإقليمية والهوية العربية والضغوط علي الأمن القومي العربي في خارج النطاق الجغرافي وهي مبادرة نابعة من الاشتراك في الفكر بين مصر والأشقاء العرب واستعداد مصر بما لديها من قدرات ودور في الحفاظ علي الأمن القومي العربي.
وقال الوزير أيضاً إن انتشار المنظمات الإرهابية يحتم أن يكون هناك تنسيق وتكامل بين القدرات العربية لأننا قوة لا بأس بها إذا ما نظرنا إليها مجتمعة ولكن إذا كانت متفرقة ربما لا تؤدي إلي فكرة الردع.. وأن الهدف أن تكون قوة حامية للأمن القومي العربي.
وقال إن تأخرها ربما يكون لأننا نريدها أن تخرج في أحسن صورة وطموحنا ألا تخرج إلا عندما تكتمل الصورة لتحقق الآمال.. ونجاحها ربما يستغرق بعض الوقت حتي تطمئن بعض الأطراف بأنها تنفذ بالشكل الذي يؤدي الغرض منها وهذا الحديث لايزال قائماً.. وقد أعيد اعتماد الفكرة في قمة نواكشوط الأخيرة.. والاتفاق علي ضرورة الإسراع في وضع الخطوات التنفيذية.
انتهي رد الوزير.. ولكن الواقع يرسم لنا في نفس توقيت اللقاء صورة أخري لابد أن نضعها إلي جانب هذا الرد.. وهي:
أولاً: تركيا وبعض قوات التحالف الدولي تهاجم داعش في سوريا.. وتضرب الأراضي السورية.
ثانياً: إسرائيل ترد علي قذائف أطلقت تجاه الجولان.. بضربات عسكرية تجاه سوريا.
ثالثاً: تركيا توافق علي رؤية روسية بشأن استمرار بشار الأسد لفترة انتقالية.
رابعاً: إيران تتدخل.. وتقوم بدور الوسيط بين تركيا والأسد.
كلهم يلعب في الشأن السوري إلا العرب!! كلهم يتدخل في الأرض السورية في غياب العرب روسيا وتركيا تتفقان.. وأمريكا تساند تركيا في ضربة عسكرية داخل الأراضي السورية وإيران تتدخل كوسيط.. والعرب غائبون!!
الصورة في سوريا سوداء.. وفي ليبيا رمادية اللون.. وفي اليمن مرتبكة.. وفي العراق لم يعد لها هوية عربية.. وفي السودان بعد تقسيمها مازال خطر التقسيم وارداً.. فماذا بعد؟
مجلس التعاون الخليجي الذي كان نموذجاً أصبح شكلياً.. وهناك خلافات واضحة سواء تقودها قطر المتمردة والمتعاونة مع تركيا ضد كثير من الدول العربية أو عمان التي ابتعدت نسبياً.. والمغرب العربي مازال في واد آخر خاصة بعد الصراع الليبي.. والأزمات التونسية.. وقضية الصحراء التي تطل علينا كل لحظة.
ومصر وحدها تعاني لكنها صامدة.. ولولا الصمود المصري خاصة بعد 30 يونيه لكان للخريطة العربية شكل آخر وألوان أخري..؟
القضية الفلسطينية مازالت حائرة.. لكنها غابت.. ولولا مبادرات مصرية وفرنسية.. لنسيها العالم.. وها هي روسيا تقوم بدور اللاعب الرئيسي في المرحلة الأخيرة وتستضيف قمة فلسطينية إسرائيلية.. لعل وعسي..!!
هذا هو ما قاله وزير الخارجية.. وهذه هي الصورة خلال أسبوع واحد.. فماذا يعني ذلك؟
أعتقد أن العرب دخلوا فعلياً مرحلة التيه تاريخياً وجغرافياً وليس سياسياً فقط.. وأعتقد أن الوحدة العربية أصبحت من أحلام اليقظة التي ماتت إكلينيكياً.. والقومية العربية شعار لم يعد له وجود في هذا الزمن.. وأن مصر وحدها هي التي تتحمل عبء الردع العربي ضد التفكك.. ولولا 30 يونيه لكان التفكك العربي هو الصورة الحقيقية لواقعنا الآن..!!
صورة الواقع العربي الذي نعيشه الآن صورة سوداء قاتمة.. ولكن هل هناك من أمل في المستقبل؟
الخبراء يرون أن المستقبل أكثر سواداً وهناك آراء تؤكد أن العراق سيتم تفكيكها رسمياً إلي دويلات.. ونفس الحال ينتظر سوريا.. بل واليمن أيضاً وليبيا.. فماذا بعد؟
آراء الخبراء منطقية وتتفق مع الواقع ومع معطيات التحليل السياسي السليم.. لكن لأننا العرب.. أو كما أقول أنه كانت اسمها العرب فإن لنا خيارات أخري.. وقد شهد التاريخ كيف حاول الاستعمار من خلال سايكس بيكو وغيرها تقسيم المشرق العربي والمغرب العربي ونشأت دول عربية تحارب بعضها البعض من أجل خط عرض أو خط طول ودخلنا ساحة من الحرب الباردة هنا وهناك ثم سرعان ما استيقظ المارد العربي وهو يحمل شعار القومية العربية.. وكادت وحدة مصر وسوريا "1958" أن تكون واقعاً جديداً يرد علي المخططات الاستعمارية.
نفس الحال الآن.. مخطط جديد لتقسيم تلك الأمة التي كانت.. وتحويلها إلي شعوب من الهنود الحمر.. لا يوجد شعب جديد يحتل أرضها.. بل تقاتل بعضها البعض.. وتحارب نفسها بنفسها.. لكن المؤكد أن ما حدث في 30 يونيه بمصر ولم يتوقعه أحد من أصحاب المخطط سيتكرر عربياً.. ولكن متي؟
الإجابة ليست سهلة لكنها واضحة وهي عندما تكون إرادتنا بيدنا.. وعندما نقرر نحن مصيرنا.. عندما يكون مصير العرب بيد العرب.. عندما يتدخل العرب لإنهاء أزمة في دولة عربية.. عندما يكون لدينا قوة عربية مشتركة تحاول إيقاف النزيف العربي هنا وهناك.. وتخلق حالة من المصالحة العربية العربية.. ساعتها ستعود تلك الأمة التي كانت في كهوف الجهالة والتخلف.. لتعود إلي الحياة من جديد..!!
الأمل كبير في الأجيال القادمة في أن تعود إلي أصولها وتؤكد وجودها العربي الذي تاه من هذه الأجيال.. بشرط أن تبدأ هذه الأجيال البداية الصحيحة في البحث عن أسس حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية.. وأن تبدأ بداية صحيحة علي أرضية صلبة تتفق مع سماحة الأديان السماوية والتي أكدت علي تكريم بني آدم.. ويقظة حقوق الإنسانية.. وليست علي دولة الخلافة التي كانت.. المطالبة بعودتها هي أساس ضرب وتفكيك العرب من جديد.
وأعتقد أن الأجيال القادمة إذا بدأت من جديد علي أسس حقيقية قادرة علي مواجهة الشرق الأوسط الجديد الذي بدأ في الهيمنة علي أمة كانت اسمها العرب.. ولتعود الأمة العربية بحق.. أمة عربية قوية كما كانت يوماً من الأيام عندما التزمت بكل الحقوق والواجبات وعاشت علي دين وسطي سليم.. هل يأتي هذا اليوم وهل نعيش لنراه..؟
أعتقد أنه قادم.. قادم إن شاء الله.. وبقيادة مصر العربية..!!
فكرة مضافة إلي القيمة المضافة
سألني صديق.. كم عدد المقاهي في مصر وليس القاهرة وحدها؟ قلت: الله وحده أعلم فكل يوم نري مقهي جديداً.. قال: وكم تدفع المقاهي من إتاوات لبعض الأشخاص هنا وهناك.. قلت ملايين.. بل إذا جمعنا تلك الملايين ستصل إلي المليارات.. وكلها في جيوب بعض الموظفين..!!
قال صديقي: فلماذا لا نقنن وضع هذه المقاهي.. ونؤجر لها الرصيف بمساحات محددة كما بالفعل احتلته.. وبدلاً من الدفع لأشخاص تدفع للحكومة؟
نفس الحال مع التوك توك وترخيصه.. ومع الميكروباص داخل المدن.. ومع أشياء كثيرة يمكن تقنينها وبدلاً من أن تذهب الإتاوات إلي جيوب بعض الأشخاص تذهب إلي الدولة كقيمة مضافة؟!
مجرد اقتراح أوجهه لوزير التخطيط وكل مسئول في الحكومة يهمه الأمر.. لعلهم بعد دراسة يجدونه قيمة مضافة بحق.