أشعر بالأسف وأنا أقرأ فى صحف الثلاثاء الماضى، أن 22 شخصًا، قد لقوا مصرعهم، وأصيب 27 آخرون فى 4 حوادث بأربع محافظات، صباح اليوم السابق!
47 مواطنًا، ما بين قتيل ومصاب، فى طلعة شمس واحدة!
والتفاصيل تقول إن 21 شخصًَا قد لقوا مصرعهم، وأصيب معهم عشرة أشخاص فى تصادم ميكروباص وأتوبيس على طريق القاهرة - المنصورة.. وفى الشرقية أصيب عشرة فى تصادم سيارتى ميكروباص على طريق العاشر من رمضان - القاهرة الصحراوى.. وفى البحيرة لقى طالب مصرعه، وأصيب شخص آخر، فى تصادم ميكروباص بسيارة ملاكى على طريق حوش عيسى - أبوالمطامير.. وفى المنيا أصيب ستة أشخاص إثر انقلاب سيارة على الطريق الصحراوى الشرقى!
ولا أحد يعرف ما إذا كانت هناك حوادث أخرى، فى اليوم ذاته، لم ترصدها الصحف، أم أن هذا هو كل ما جاء فى «دفتر أحوال» يوم واحد من أيام الله!
ولابد أن الأسف الذى أشرت إليه، فى أول هذه السطور - ليس فقط على ضحايا ومصابى الحوادث الأربع.. فالأسف عليهم، أمر مفروغ منه، والعزاء لذويهم واجب.. ولكن الأسف إنما هو على أن مثل هذا المشهد المحزن على الطرق عندنا، ليس فريدًا من نوعه، ولا هو خاص بيوم وقوع الحوادث الأربع وحده، ولكنه بكل أسف أمر متكرر، ويكاد يكون يوميًا، مع اختلاف أعداد الضحايا والمصابين، من يوم ليوم!
ولو أن الصحف التى نقلت الحوادث الأربع، قد اجتهدت قليلًا، وأضافت مع الخبر، أن مجلس الوزراء قرر صرف عشرة آلاف جنيه للمتوفى، وخمسة آلاف للمصاب، ما كان اجتهادها قد ذهب بعيدًا عن الواقع، لأن هذا بالفعل هو ما قرره رئيس الوزراء، بمجرد وقوع الحوادث الأربع!
ولسنا نقلل بالطبع من شأن هذه المساهمة من جانب رئيس الوزراء فى اتجاه تخفيف أحزان الأسر التى شاء حظها السيئ أن يكون واحد من أفرادها، أو أكثر من بين ضحايا الحوادث الأربع، أو مصابيها.
لا نقلل من شأن المساهمة فى هذا الاتجاه، ولكننا فقط نريد أن نشير إلى أن هذا هو رد فعل الحكومة، الوحيد، بمختلف أجهزتها، عند كل حادث جديد من هذا النوع.
راجع من فضلك صحف عام أو عامين، أو أكثر، أو أقل، وسوف تكتشف أن القاسم المشترك الأعظم بينها جميعًا يأتى هكذا، خمسة آلاف للمصاب، وعشرة آلاف للمتوفى!.. وما عدا ذلك تفاصيل مؤلمة فى كل مرة!
إننى أفهم أن يكون هذا القاسم المشترك الأعظم موجودًا، ثم يكون هناك شىء آخر إلى جواره يقول إن رئيس الحكومة قد طلب تقريرًا تفصيليًا عن أسباب الحوادث الأربع الأخيرة، لا عنها فى عمومها، بحيث يمكن التعامل مع الأسباب، فلا تكرر حوادث مشابهة لها، مرة أخرى، أو تتراجع حدة الحوادث على الطرق بين المحافظات، فى أقل تقدير.
لقد رحت أفتش فى حوادث صحف الثلاثاء، لأعرف أسبابها، أو أسباب كل حادث منها على حدة، بالضبط فلم أقع على شىء.. بما يعنى أن الصحف نفسها سوف تكون على موعد مع حوادث أخرى مماثلة، فى وقت قريب، أو بعيد.
وسوف لا أقول جديدًا، إذا قلت إن أسباب أى حادث من نوع ما نقلته صحف الثلاثاء، هى واحد من ثلاثة: إما أنها تعود إلى سوء الطريق، وإما أنها تعود إلى أن السائق غير مؤهل لقيادة السيارة، وإما أنها راجعة إلى أن السيارة لا يجوز أصلًا أن تمشى على طريق بحالتها التى هى عليها، فإذا تسللت فى غيبة من المرور، وغير المرور، إلى أى طريق، فإنها تحصد الأرواح فى طريقها!
أظنك الآن أدركت، أن هناك ألف أسف بخلاف الأسف على الضحايا والمصابين!