فى مدينة مكة يلفت انتباهك بشدة حجم الأعمال التي تجرى فى الكباري والطرق والأنفاق، المدينة تتكون من عدة جبال، يتم تكسير بعضها لفتح الطرق ولبناء المساكن والفنادق المنشآت، ويتم شقها لفتح أنفاق بها تساعد على اختصار الطرق وربط أطراف المدينة ببعضها، فى عام 2010 عندما جئت لأداء فريضة الحج
شاهدت العديد من الأنفاق، أحدها كنت أسير فيه لكي أصل إلى المركز الطبي التابع لوزارة الصحة المصرية، حيث كانوا يقومون بفحص المصاب منا ويصرفون له الدواء مجانا، وفرحت جدا بعدد الأنفاق التي تخترق الجبال، فقسوة الطبيعة دفعت حكومة المملكة إلى محاولة تطويع الجغرافية القاسية لخدمة المواطنين، وأذكر أنني بعد عودتي من المملكة حكيت للكثير من الأصدقاء عن الأنفاق التى تشق الجبال، وتمنيت أيامها أن تقوم المملكة بتوسعة الحرم والمنطقة المحيطة به لكى تستوعب الحجاج وتيسر عليهم التحرك وأداء المناسك، كما تمنيت ان تقوم المملكة بشق عدة شوارع عريضة وطويلة بشكل عمودي على الحرم، يمكن للقادم أن يرى فى نهاية هذا الطريق مبنى الحرم، وتخيلت أن الحرف يقع في دائرة كبيرة يتعامد عليها من الشمال والجنوب والشرق والغرب بعض الشوارع العريضة، وكنت كلما أمعنت فى هذا المشهد أصطدم بالجغرافية القاسية للمدينة بشكل عام.
عندما وصلت منذ أيام لأداء مناسك العمرة، فوجئت بتغييرات كبيرة على هذه الجغرافية، إزالة بعض المباني، وفتح بعض الشوارع على بعضها البعض، اقامة الجسور والأنفاق والطرق، العديد من المواقع المفتوحة للعمل بهدف الانتصار على قسوة الجغرافية وتسخيرها لخدمة زوار بيت الله الحرام.
قامت حكومة المملكة بالبدء فعليا في المشهد الذي كنت أتخيله، فقد تم هدم منطقة بكاملها بين شارعي النبي إبراهيم والمسفلة، وقاموا بفتح الشارعين على بعضهما البعض حتى منتصفهما، والحقيقة لا أعرف ان كانت هذه التوسعات بغرض شق طريق عريض عمودي على الحرم من عدمه، حيث مازالت هناك بعض المباني التي تحجب الرؤية فى نهاية الشارعين، وهى لبعض الفنادق الكبيرة، منها المبنى الذي يقع أسفله سوبر ماركت بن داوود، ومبنى وحتى الفندق يواجه باب الملك فهد، وفى الجهة الأخرى من الشارعين يوجد أحد الكباري الذي يصلك بالنفق المتجه إلى شارع أجياد، حيث يقطع هذا الكوبري شارعي المسفلة والنبي إبراهيم.
على أية حال المشروعات التى تقيمها المملكة فى الطرق والأنفاق والكباري كبيرة جدا، وأظن أنها تتكلف مليارات من الدولارات أو ما يقابلها من الريالات، وقد سمعت أن المملكة بصدد إقامة خط مترو أو سكة حديد يربط المملكة ببعض المدن وأماكن المناسك، فى 2010 شاهد المترو المقام لنقل الحجيج من مكة إلى منى والمزدلفة، واعتقد ان القطار أو المترو الذي سمعت عنه مغاير لمترو المناسك.
قلت لأحد الشباب السعوديين يعمل فى الحرم، كان يساعدني على الخروج من داخل الحرم إلى الساحة المواجهة لوقف الملك، قلت له: لكم ان تفتخروا بالمشروعات التي تقام على أرض مكة، وأكدت له لو أن 5% من هذه المشروعات تقام فى مصر كان الشعراء كتبوا عنها مئات قصائد المديح، وقام المطربون بالتغني بها، فهى مشروعات كبيرة وهامة جدا لتغيير خريطة المدينة والتسهيل على زوار بيت الله الحرام، فتحية منا للمرحوم الملك عبدالله رحمة الله عليه الذى بدأ هذه المشروعات، وتحية لخادم الحرمين الملك سليمان الذي تستكمل فى عهده.