المساء
نبيل فكرى
مساء الأمل .. الأفيال الطائرة!!
هكذا أشعر في أوقات كثيرة.. كأنني فيل يحاول الطيران مشدوداً بوزنه الثقيل وهمومه الأثقل والأهم عدم قدرته علي تحديد ماهية ما يشكل قناعاته.. هل يؤمن حقا بما يصدق؟.. أم أن ما لديه صناعة غيره؟.. كوكتيل شربه من الإعلام أو من قصاصات الصحف وحوارات الأصدقاء كلنا نبدو كأفيال تحاول الطيران متناسية أبجدية أنها ليست من أهل السماء فلا فلاسفة المقاهي يعملون بما يقولون ولا جهابذة الإدارة يجيدون ما يديرون ولا الألمعيون كما كنا نظنهم.. كلنا أسراب من الفيلة تسعي للتحليق. وتستنكر أن تضحك عليها بقية الغابة.
أنا نفسي. يساورني الشك في نفسي كثيرا.. أتساءل بعد أن أجيب: أذلك حقا ما أريد؟.. أذلك حقا ما أظن؟.. أم أن ما قاله صديقي كان الأصوب لكنني من يجيد الكلام أكثر؟.. أينا يتلبسه شيطان اليأس؟. وأينا يتلفح بأردية ملائكة الأمل؟.. هل حقا بقي من أمل؟.. هل ما نراه فوضي متناهية مغرقة في العبث والفساد تغيب عن أعين أصحاب القرار؟.. تراهم يعرفون كما نعرف أم أننا لا نعرف ما يعرفون؟.. هل الصمت أجدي. طالما أن أصواتنا لا دور لها سوي أن تصبح صدي في فضاءات الأيام؟.. هل من يدير علينا أن نتركه يدير ونكتفي بالفرجة؟.. وماذا إن تبدل واقعنا وبات الحمل ثقيلا علي كواهلنا؟.
كعادة الأيام والليالي. لا حديث للسهاري مهما حاولوا التنصل من السياسة. سوي أن يعودوا إليها.. كل حديث يقودهم إلي الفساد وإلي أسعار الكهرباء والغلاء وفساد المحليات والمال السايب ومستشفيات المرض والموت وتعليم الجهل والندامة.. حتي لو كان الحديث عن الأهلي والزمالك.. يمضي بهم لتلك المتاهة.. كثيرا ما نختلف لكن الغريب أننا أيضا كثيرا ما نتفق.. لا أدري كيف يأتي الاتفاق والاختلاف معا.. ربما تلك هي المعادلة المصرية النادرة أبرز ما اتفقنا عليه. ان الفساد هو طامة بلدنا الكبري. وأنه طالما بقي فلا أمل يرتجي. وأننا ان كنا جادين في مسعانا للخروج من تلك الشرنقة فلا سبيل لذلك الا بثورة علي الفساد تقتلع اليابس. ولا بأس ان اقتلعت معه بعض "الأخضر".. من اليوم لا من الغد لابد وأن نشعلها نارا علي الفساد. قل أو كثر. فقد تشكلت خارطة عجيبة ومترامية الأطراف للمفسدين الذين أصابوا الناس بالاحباط واليأس والضيق.
الفساد ليس فقط رشوة تقاضاها مسئول ولا أرضا اغتصبها حوت من الحيتان. لكنه فرصة ضلت الطريق ـ جبرا ـ الي صاحبها وذهبت الي من لا يستحق.. الفساد في تعطيل تطبيق الحد الاقصي والأدني لتحقيق ابسط مفاهيم العدالة الاجتماعية.. الفساد في تجاهل احتياجات الناس الاساسية في قري من عمر مصر لا تجد ماء تشربه.. الفساد في وجوه كالحة. تنظر إلي خلق الله وكأنهم عبيد يبنون "أهرام المذلة" وينتظرون أن يسجدوا لهم في معابد "آتون".
*** ما قبل الصباح
النوايا الصالحة.. لاتكفي وحدها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف