طبيعى أن يدعى لاعب الجودو الإسرائيلى أورى ساسون الذى هزم خصمه المصرى إسلام الشهابى فى أوليمبياد ريودى جانيرو، عقب عودته لإسرائيل، أنه استعد جيدا للمباراة واعتبرها مبارزة رياضية وليست سياسية وعليه أن يفوز ويسعد بلده. وقال فى حوار لصحيفة «يديعوت أحرونوت» إن أصدقاءه طلبوا منه أن يلحق الهزيمة باللاعب المصري، ثم ادعى أن خصمه الشهابى وجه إليه نظرات عدائية وكأنه يريد قتله وأنه ردد ومدربه «الله اكبر» وهو النداء الذى يسمعه فى إسرائيل من فلسطينيين قبل تنفيذهم عمليات طعن وقتل للإسرائيليين.

كنا نعتقد أنه على اللاعب المصرى أن يركز جيدا فى المباراة وأن يضع هدفه هزيمة خصمه وليس مجرد عدم مصافحته وفقا للأعراف الرياضية، فهو شتت تركيزه ليرضى نفسه، ولم يفكر فى جمهوره وشعبه ومدربه الذى ينتظر منه الفوز، وإنما فكر فى إرضاء نفسه وشيوخه السلفيين الذين ينتمى إليهم، الذين نصحوه بعدم مصافحة اللاعب اليهودي، مع أننا نقول دائما «الدين لله والوطن للجميع». فاللاعب ورغم تأكيده انه لا ينتمى للإخوان المسلمين أو أى حزب سياسي، قد صرح فى مقابلات صحفية بأنه «مسلم، سني، سلفي، يتبع قال الله وقال الرسول، وضد إراقة الدماء ومش هسلم على أحد إيده ملوثة بالدماء». وهذا أوقعه تحت تأثير شيوخه وليس انتماءه الوطني. ولولا هذا التأثير السلفى على الشهابى لكان تحقق له الفوز وهوالمصنف الثالث عالميا فى اللعبة وحقق إنجازات عديدة منها ذهبية كأس العالم بالقاهرة 2010، وخامس بطولة العالم للأساتذة فى اليابان، وذهبية الجائزة الكبرى للجودو، وبرونزية كأس العالم باليابان، وذهبية الجائزة الكبرى فى أبو ظبى 2009، وبطل إفريقيا 6 مرات متوالية، وغيرها من البطولات العالمية.

ما وقع من اللاعب المصرى جعلنى استعيد مشهدا لم أنسه فى مسلسل «المال والبنون» عندما حكى يوسف عباس الضو لخطيبته فريال سلامة فراويله، كيف تحمل عذاب الضابط الإسرائيلى أثناء فتره أسره هناك، حيث تفوق عليه فى صراع الإرادة بتاريخ مصر العريق مقابل دولة حديثة العهد، فكان الصراع بين الضابط المغرور بقوة السلاح والأسير المتمسك بدينه وبعراقة بلده، فكان الانتصار والغلبة للأسير فى النهاية.

كان على اللاعب أن يفوز أولا ثم يتحكم فى التفاصيل التالية، ليكون مثل البطل محمد إيهاب صاحب برونزية رفع الأثقال الذى تحدى منافسيه بالصبر والتركيز ليهدى والده المتوفى فوزه والذى توقع له أن يكون بطلا. فالبطولات لا يحققها سوى الأبطال أصحاب روايات النجاح.