لن أمٍل من الكتابة عن النظافة في بلادي.. إلي أن يتم تنظيف القاهرة أولا ثم باقي المحافظات. عاهدت نفسي ألا أتوقف أبدا إلي أن يستيقظ النائمون ويتحرك الكسالي وأري المسئولين في المحافظات وهم يحملون المقشات وينظفون الشوارع!
كانت مدننا نظيفة منذ ستين عاما. كانت مدننا " تبرق" وتلمع من نظافتها: القاهرة كانت عاصمة الشرق الاوسط، الاسكندرية كانت عروس البحر المتوسط، الاسماعلية كانت مدينة اوروبية في أفريقيا.
ماذا حدث حتي تحولت مدننا الجميلة بالتدريج إلي أكوام من القمامة؟ الشعب لم يقصر، دفع الملايين للحكومة رسوما للنظافة، ودفع مرة أخري للزبالين ليحملوا القمامة. لكن – للأسف- الحكومة أخذت فلوسنا ومنحت موظفي المحافظات الحوافز والمكآفات، وأنفقت الملايين علي المكاتب الفاخرة. تركت الشوارع تغطيها الزبالة والغبار، وتناست أن هناك إختراعاً اسمه المقشة كان يستعملها أجدادنا في قديم الزمان!
لا أصدق ما تردده الحكومات المتتالية أن هذا الاهمال سببه ضعف الموارد، وأن الظروف الاقتصادية هي التي شلت حركة النظافة. هناك دول في العالم أكثر فقرا، وشوارعهم نظيفة وبيوتهم أنيقة. إني أتصور أن مشكلتنا أساسا في فشل الادارة وفي عدم الاهتمام وفي الكسل وفي اللامبالاة.. ولذلك سوف تضيع اصواتنا إذا كررنا طلبنا بأن تتولي الحكومة حملة للنظافة. أقترح أن يقوم الشعب بهذه المهمة لأنه صاحب المصلحة في إصلاح ماأفسدته الحكومات! فلو تولي كل سكان شارع مسئولية نظافته، لاستطعنا أن نعيد شوارعنا إلي ما كانت عليه قبل ستين عاما.. قد فشلت محاولات الحكومات في النظافة، يوم أنشأت نظام رؤساء المدن والمحليات.. الذين توهموا أن مهمتهم الاساسية هي تلقي الرشاوي والمنح، وتصوروا أن النظافة مطلوبة في مكاتبهم الانيقة المكيفة ونسوا الشوارع، فتحولت إلي صفائح زبالة!
أكرر.. مشكلتنا ليست في قلة المال ولكن في فشل الإدارة وعدم المتابعة.
نريد أن نعيد مقشة قدماء المصريين إلي الحياة!