المساء
محى السمرى
الجنيه ينهار أمام مزاد الأراضي ..!!
في السبعينيات من القرن الماضي.. صدق بعض المواطنين قرار الزعيم الراحل أنور السادات بأن الأرض لمن يزرعها.. وذهب هؤلاء إلي مناطق صحراوية متعددة في أقاليم مصر المختلفة.. ودرسوا بطبيعتهم الفطرية التربة.. وكيفية استغلالها ودرسوا أيضا كيفية توفير المياه.. وكان كل مواطن يحصل علي الأرض بمعرفته أي بدون معاونة الحكومة أو الحصول علي موافقتها أو عدم موافقتها - وقاموا بزراعتها بالمحاصيل المناسبة - وأشجار الفاكهة.. كما أقاموا عليها بيوتا لاقامتهم وأخري لإقامة الحيوانات.. ومضت سنوات ذكر بعضهم - في مكالمات تليفونية - انها زادت علي عشرات السنين.. وطبيعي ان كلما مضت السنوات.. علي الأراضي الزراعية زادت جودتها وخصوبتها.. وأعتقد الذين وضعوا أيديهم علي هذه الأراضي انه لن يجرؤ أحد علي تحطيم جهودهم اعتقاداً بأن قرار الرئيس السادات لن يفكر أحد في تعطيله أو الغائه.. ولكن الذي حدث انه بعد أن أينعت هذه الأراضي قامت بعثات من المسئولين وهاجموها وأزالوا الزراعات وخلعوا الأشجار وهدموا البيوت.. باعتبار أن هذه الأراضي ملك للدولة وعبثا حاولوا تقنين أوضاعهم بأن يدفعوا للحكومة ثمنها الذي تقدره اللجان الحكومية.. بعضهم تمكن والبعض الآخر لم تفلح محاولاته في التقنين.
صحيح ان كل الأراضي علي أرض مصر هي ملك للدولة.. ولكن ما جدوي أن تمتلك الدولة المصرية كل هذه الأراضي الشاسعة ولا تستغلها أو تنساها ولا يعرف أحد من الحكومة شيئا عنها إلا بعد أن يظهر من يوجه الأنظار إليها من واضعي اليد.
وبصراحة أنا لا أعرف هل تعرضت لجنة استرداد الأراضي لمثل هذه الحالات.. أو ان أنظارها اتجهت إلي الحالات الصارخة.. والأمل في أن تترك اللجان الأراضي التي استغلها البعض.. علي أن تحصل منهم علي ثمنها أو أي رسوم أخري.
وبهذه المناسبة لا أدري سببا في رفض هيئة حماية أراضي المجتمعات العمرانية.. أراضي وضع اليد في الساحل الشمالي بدون تقنين.. وكأن الحكومة غنية ولا تحتاج إلي ثمن هذه الأراضي وكانت النتيجة ان واضعي اليد يتصرفون في هذه الأراضي كما شاءوا دون أن يعترضهم أحد بل حدث ان ذهب مالك لاحدي الفيلات في الساحل إلي الهيئة وطلب تقنين وضعه وسداد المبالغ المطلوبة.. ولكن رئيس الهيئة اعتذر لأنه لم تصدر تعليمات بتقنين الأوضاع وسأله.. هل أنت "متضايق من شيء ما حول ملكية الفيلا".. قال: انه لا يمتلك أي أوراق رسمية تشير إلي ملكيته.. رد المسئول: ما لم يكن هناك ما يضايقك.. فلا تنزعج.
وإذا كان الحال هكذا فإن الناس من أصحاب هذه الفيلات يخشون من وصول لجنة استرداد أراضي الدولة اليهم.. ثم يبيعون فيلاتهم بالمزاد العلني!!
والوقع ان لجان استرداد أراضي الدولة والتي يرأسها المهندس إبراهيم محلب قد قامت بجهود كبيرة في استرداد الأراضي من حائزيها المخالفين.. وأعتقد ان عملية الاسترداد قامت علي أساس عدم جدية استخدام هذه الأراضي ولم يقم حائزوها بزراعتها أو استغلالها أو الذين خالفوا شروط التعاقد أو الذين حولوا الغرض الذي من أجله حصلوا علي الأرض إلي غرض آخر.
وعلي وجه العموم لقد أثبت المزاد العلني الذي أجري في الأسبوع الماضي علي الأراضي التي استردتها الدولة علي انهيار تام للجنيه المصري فكما جاء في الصحف أن 900 فدان تم بيعها بمبلغ 164 مليون جنيه.. وتراوح سعر الفدان بين 75 ألف جنيه و400 ألف جنيه وهي مبالغ خيالية خاصة وأن هذه الأراضي صحراوية.. فإذا كانت هذه أسعار أراضي صحراوية فكم يا تري تبلغ قيمة الأرض السوداء!!
عموما فإن الخبراء حللوا هذا الاقبال علي المزاد العلني والأسعار التي اشتعلت بأن ذلك راجع إلي أن الاستثمار العقاري أقوي كثيراً من وضع الأموال "تحت البلاطة".
المهم انه في الطريق إلي المزاد العلني مساحات أخري تصل إلي 58 ألف فدان.. وطبقا لأسلوب البيع السابقة فإنه من المنتظر أن تصل المبيعات إلي عدة مئات من المليارات.. وهكذا تحاول الدولة بشتي الطرق أن تزيد من مواردها لعل وعسي ينصلح الحال "المايل" للمالية المصرية..
وهناك تساؤل هل يمكن أن يتم المزاد بالعملات الأجنبية بدلا من العملة المصرية علي أساس ان يكون البيع لمن يعمل في الخارج أو لديه موارد بالعملات الأجنبية.
وبالمناسبة ذكر لي بعض المتعاملين مع الأجهزة الحكومية التي لها حق البيع ان العقود التي تبرمها مع المشترين بها مواد لا تلفت أنظار المشتري وتكون النتيجة مصيبة عليه إذا حدث أي شيء فمثلا إذا باعت احدي الأجهزة الحكومية عقارا أو أرضا.. فإن المواد التي تدخل بدون أن يلتفت إليها المشتري مادة تقول إذا أراد البيع عليه الحصول علي موافقة الجهاز.. ومعني ذلك انه يجب علي المالك الجديد والذي تملك من البائع الحكومي ما اشتراه قانونا وبصحيح العقد.. ان يرجع إليه ويحصل علي موافقته إذا أراد البيع للغير وهكذا بوضع "مسمار جحا" في هذا العقد يمكن لجهة الإدارة ان تتلاعب كما تشاء وقانونا لأن المشتري وافق دون أن يدري بما جاء في صيغة العقد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف