المساء
محمد جبريل
النضر واختزال قصور الثقافة
قصور الثقافة - في تقدير أندريه مالرو - يجب أن تكون مكاناً للالتقاء والمواجهة بين الثقافة وأولئك الذين يريدون الوصول إليها. بين الذين يحملون الرسالة والذين يتلقونها. بين الفنانين وجمهورهم. بين الناس بعضهم بعضاً.
لذلك فإنه من الصعب أن تختزل هيئة قصور الثقافة إلي إدارة للنشر. تلك مسئولية هيئة الكتاب التي أوافق علي أن دورها في مجال طباعة الكتب أشبه بالمدفعية الثقيلة. إنها تعني بالمكتبة العربية من خلال خطة - أفترض أنها موجوودة. وأنها متكاملة - لنشر الموسوعات والدراسات والأعمال الإبداعية. سواء من العربية أو إليها. بما يضيف إلي المكتبة العربية.ويساعد حتي القاريء الذي ربما تعوزه اللغة الأجنبية علي المتابعة. والتزود المعرفي والإبداعي. أما النشر الذي تقوم به الهيئات الأخري التابعة لوزارة الثقافة. فهو - في المحصلة النهائية - يضيف إلي عملية النشر بدرجة وبأخري. بالاقتصار علي اهتمامات محددة. وقراء محددين. بحيث إنها - إذا لجأنا إلي تعبير الأسلحة الثقيلة - تمثل أسلحة ذات تأثير يختلف عن التأثير الذي تحدثه مبوعات هيئة الكتاب.
هيئة الكتاب تتجه إلي القاريء في مختلف اهتماماته. وتعني بتقديم الثقافة العربية خاصة. والثقافة العالمية بوجه عام. أما مطبوعات المجلس الأعلي للثقافة. والمركز القومي للترجمة. فإنها تستهدف ما يمكن اعتباره نواقص في أنشطة هيئة الكتاب من ناحية. واستكمالاً - من ناحية أخري - للأنشطة التي تقوم بها لجان المجلس المختلفة. الأمر بنفسه بالنسبة للكتب التي تصدر عن أكاديمية الفنون. إنها تعني بالجوانب التطبيقية. تقديم نماذج تهم الدارسين من طلاب الأكاديمية. وأساتذتها والمهتمين بمناهج الأكاديمية عموماً.
أما هيئة قصور الثقافة. فإن البداية التي ربما نسيها الجميع. تعود إلي توصيات مؤتمرات أدباء مصر في الأقاليم التي دعت إلي وجوب نشر إبداعات أدباء الأقاليم. من خلال مجلة شهرية وكتب. وتدحرجت كرة الثلج - بتوالي الأعوام - وتحولت إلي سلاسل ودوريات غاب - بتوزعها - الهدف الذي أنشئت من أجله إدارة للنشر. إن أعمال أدباء الأقاليم تضل طريقها - أحياناً - إلي مطبوعات هيئة الكتاب. فالهيئة - كما أشرنا - لها مشروعها القومي. مدفعيتها الثقيلة التي يشغلها الإضافة والتطوير للمكتبة العربية ككل. وربما أهملت. في سعيها لتحقيق هذا المشروع - وأكرر افتراضي بوجود خطة متكاملة - أعمالاً جيدة للمبدعين الشباب. ومن بينهم هؤلاء الذين يقيمون في أقاليم بلادنا.
وتحديداً. فإن مطبوعات هيئة قصور الثقافة يجب أن تعطي الأولوية لما يكتبه الأدباء والدارسون الذين صدرت من أجلهم توصية إنشاء إدارة للنشر في هيئة قصور الثقافة. علي أن تغطي ما تصدره الهيئة من مطبوعات أخري. جوانب يفيد منها المتعاملون مع الهيئة. وتلبي احتياجاتهم الثقافية الفعلية.
النشر في هيئة قصور الثقافة يجب أن تكون له أهدافه الواضحة والمعلنة. فلا نجني في اهتمامنا به علي أنشطة مهمة أخري كالفنون التشكيلية والتطبيقية والسينما والمسرح والموسيقا والمحاضرات والندوات التي تصدر عن البيئة. وتخاطب اهتماماتها. وليست تلك التي تنطلق من القاهرة لمجاملة المتحدثين وكسب رضاهم!
وعلي الرغم من انقضاء عشرات الأعوام علي إنشاء هيئة قصور الثقافة. فإنه من الصعب تصور أن الهدف الجميل الذي تسعي إليه الهيئة قد اقترب من التحقيق. وهو وصول العمل الثقافي إلي أبعد وأصغر قرية مصرية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف