الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
الاستقالة لا تغني عن المساءلة
حكاية الوزير "المغترب" الذي يقيم خارج القاهرة.. حكاية قديمة واجهتها الحكومة من زمان.. منذ مدة طويلة.. ولكن ليس للوزراء "المغتربين" بل للمحافظين.. فالمحافظ عادة لا يقيم في نفس المحافظة وكان عليه أن يتحمل مشقة السفر اليومي.. ثم هناك أحياناً أمور عاجلة لا تحتمل التأخير.. هنا تولدت فكرة إنشاء ما يسمونه "استراحة المحافظ" في كل محافظة!!!! خاصة محافظات الصعيد!!
وأيضا واجهت مشكلة "الاغتراب" بعض رؤساء الوزارات والوزراء.. ولا أدري كيف تمت معالجتها زمان ولكن المثال القديم الرائع كان بطله رجل لا يتكرر كثيراً.. ألا وهو ممدوح سالم الذي تمت ولادته وحياته كلها بالإسكندرية حتي عندما أصبح ضابط شرطة إلي أن وصل محافظاً ثم...... وزيراً للداخلية ثم رئيساً للوزراء.. وهنا حدثت المشكلة.. شقته "بالايجار" بالإسكندرية فأين يقيم بالقاهرة؟؟؟.. كانت تكفيه شقة صغيرة متواضعة مثل شقة الإسكندرية فهو عازب زاهد ليس له سيارة طول عمره يركب مترو الإسكندرية وليس له رصيد في أي بنك.. رجل غير عادي.. علم بذلك أنور السادات فانتفض غاضباً وصاح قائلاً:
ــ ممدوح سالم يسكن في استراحة قناة السويس بجاردن سيتي ليجد من يخدمه.. ومكان يليق به حينما تكون هناك مقابلات في مكان إقامته.
وقد كان..
وتمر الأيام.. ويترك رئاسة الوزارة ويعود إلي شقته المتواضعة بالإسكندرية.. ويركب صباح كل يوم المترو ليذهب إلي مقهي "بترو" علي الكورنيش.. ويتصل أنور السادات بنفسه بمحافظ الإسكندرية ويقول له:
ــ اختشي.. رئيس وزراء يركب المترو رايح جاي كل يوم.. عيب عليكم.
ويرفض ممدوح سالم تخصيص سيارة بسائق له ليظل لآخر يوم في حياته يركب المترو!!! وسط الناس!!!
***
هذه شخصيات دخلت التاريخ بعد أن ضربوا لنا المثل والقدوة.. ثم مضوا ولن يعودوا في ظل أخلاقيات هذه الأيام.
أعود إلي هذه الأيام.. وحكاية الأخ خالد حنفي وزير التموين الذي أقام في فندق سبع نجوم يطل علي النيل ويقال إنه دفع سبعة "7" ملايين جنيه في الفترة الماضية.. هناك حكاية "فندقية" أذكرها من باب الأمانة.
الفنادق الكبري الغالية الثمن جداً.. عندها نظام في الايجار.. هؤلاء الذين يقيمون بصفة دائمة بشرط أن تكون الإقامة أكثر من سنة.. هؤلاء لهم أسعار منخفضة وخصم معين في كل شيء.. مثل المطاعم والسينمات وغيرها التابعة للفندق.. بل هناك رجال أعمال كبار يؤجرون حجرة وجناح "سويت" سنوات طويلة بصفة مستمرة ويدفعون لمدة عام مقدماً من أجل ضيوفهم وأحياناً أقارب لهم.. وكذلك بعض الشركات الكبري.. شركة مصر للطيران تؤجر حجرتين في أكبر فنادق بصفة دائمة لطاقم الطائرة من الرجال والنساء.. فكثيراً ما تضطر بعض الرحلات إلي المبيت في مدينة ما والإيجار الدائم أرخص كثيراً من الايجار المؤقت.
***
هذه مجرد معلومة.. وليست دفاعاً عن الأخ خالد حنفي الذي كان يجب أن يكون قدوة لا مستفزاً في الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي نمر بها الآن.. واستقالته لا تعفيه من محاسبته والتحقيق معه.. محاسبته أمام جهاز "الكسب غير المشروع" والتحقيق معه بشأن ما ورد في تقرير "لجنة تقصي الحقائق" البرلمانية.. فلا أحد فوق القانون.. وعلي فكرة.. حكاية "جهاز الكسب غير المشروع" تمت ولادتها في الأربعينيات.. صاحب الفكرة محاسب كبير كان اسمه "محمود محمد محمود" نجل محمد باشا محمود رئيس الوزراء ورئيس حزب الأحرار الدستوريين بعد وفاة حسين هيكل باشا.. وحفيد محمود باشا سليمان الذي عرض الإنجليز عليه ملك مصر فأبي.. رفض وتولي الملك فؤاد مملكة مصر والسودان.. كان اسم "جهاز الكسب غير المشروع" في البداية كان اسمه "من أين لك هذا" تاريخ!!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف