أيام معدودات ويترك الرئيس أوباما المكتب البيضاوي. وقبل أن يغادر أعلنت هوليوود عن فيلم يحكي سيرة حياة أول رئيس أمريكي أسود ـ مسلم ـ يدخل البيت الأبيض.
الفيلم مزيج من السياسة والكوميديا الرومانسية وإن كان الجانب الرومانسي يطغي لأنه يتناول وبتركيز أكبر أحداث اليوم الذي شهد أول موعد غرام بين الاثنين اللذين سكنا لاحقاً أشهر منزل في العالم ـ البيت الأبيض.
عنوان الفيلم "سوث سايد معك" "South Side with you) في إشارة إلي المكان الذي التقينا عنده.
ولا يتضمن هذا الفيلم الرومانسي الوردي الملف السياسي والمثقل للرئيس الأسود بما يتضمنه من قضايا تكشف عن حقيقة الأدوار التي لعبها. ولا عما سوف يتركه وراءه من كوارث دفع العالم وسوف يدفع جزءاً من تبعاتها والشرق الأوسط بصفة أخص.
أحداث الفيلم تقع في يوم واحد يبدأ في ظهيرة يوم عادي من أيام عام 1989 عندما اصطحب الشاب داري "باراك" ميشيل روبنسون زوجة المستقبل في أول لقاء خاص بينهما عند الجانب الجنوبي من مدينة شيكاغو.
تلعب الممثلة باركر شوتيرز دور ميشيل المحامية النابهة والمفوضة بينما يؤدي الممثل تيكا سمنر دور باري "باراك" دارس القانون اللماح وشهد مهرجان سنداس الأمريكي العرض الأول للفيلم وحقق ردود أفعال صاخبة وقدر كبير من الإعجاب وبالذات بالجانب الرومانسي الدقيق ولن يخلو الفيلم من السياسة الدقيقة للشق السياسي الأصعب حيث كشف عن آمال وأحلام الثنائي الطموح.
منذ أيام بدأ عرض الفيلم في أمريكا ومع نهاية سبتمبر بدأ عرضه في أوروبا.. الفيلم من تأليف وإخراج ريتشارد تان Richard Tanne في أول أعماله الروائية.
وبطبيعة الحال يتكئ المؤلف علي الخيال إلي جانب ما صار معروفاً عن حياة الرئيس وعن زوجته.. قدم نموذجاً لزوجين مثقفين اهتما بالثقافة والفن والموسيقي.
في اللقاء أول زار متحف الفنون في شيكاغو وذهبا للسينما ليشاهدا فيلم المخرج الأسود سبايك لي "افعل الصعواب" وتناولا الايس كريم وتبادلا أول قبلة وذهبا سويا ليشاهدا فيلم المخرج الأسود سبايك لي "افعل الثواب" ويقال إن هذه معلومة حقيقية.
وأكد المخرج في إشارات ضمنية من خلال الصورة والتفاصيل المرئية وشريط الصوت أن الاثنين "ميشيل وأوباما" مشغوفان بالثقافة "السوداء" أي التي أنتجها الأمريكيون من أصل أفريقي.
الفيلم إذن يبعث مجدداً أسطورة "الحلم الأمريكي" ويكرس الدور الذي تلعبه السينما الأمريكي والتي طالما آمنت شخصياً به وأشرت إليه. فها هو الرئيس قبل أن يخطو بعيداً عن بوابات البيت الأبيض تسبقه استوديوهات هوليوود لتقديم بورتريه جميل وإنساني ومتحضر ومثير للخيال يخلو من مشكلات الاعراق التي تفجرت في عهده ومن التفرقة بين الأجناس.
فيلم يكرس فكرة المساواة في السياسة واللون والرجل والمرأة مثلما يكرس صورة الرئيس المثقف والسيدة الأولي المغرمة باللوحات والشعر والموسيقي والسينما.
فالموعد الغرامي في الجانب الجنوبي من مدينة شيكاغو الشهيرة لم يكن يوماً فارغاً.. فالاثنان ذهبا إلي المكان الذي شهد حياة مشيل والذي كان محورياً بالنسبة للنشاط السياسي لأوباما.
الممثل المختار لأداء دور أوباما أدي دوره بإقناع حسب ما كتب عن الفيلم ودور شاب يمتلك كاريزما خاصة ومهارة فائقة في الإلقاء. وربما شاهدنا نحن هنا في مصر جانباً من هذه المهارة وتابعنا انبهار "الجلوس" في قاعة جامعة القاهرة حين جاء لزيارة مصر حاملاً رسالة وهمية عن السلام والمحبة في خطبة عصماء كتبت بريشة ساحر وخيال شاعر.
ولم تكن الممثلة التي أدت دور "مشيل" بنفس القدرة علي الإقناع بسبب الشبه البعيد نوعاً بين الصورة والأصل رغم إتقانها أسلوب الأداء حسب شهادة بعض النقاد.
الفيلم يقدم "قصة حب" محملة بالدلالات الاجتماعية والسياسية لاثنين من المثقفين الشغوفين بالفنون.. وقد شاء قدرهما أن يكونا علي رأس أقوي دولة في العالم. وأن يسطرا أقل الفصول رومانسية وأقلها تحضراً وإنسانية في تاريخ البشرية.