غاضبون نحن من مجلس النواب. ومن ممارساته.. لم نر منه خيراً منذ أن بدأ عمله.. لم يدافع عنا. ولم يراع مصالحنا.. لم يصدر القوانين التي تيسر علينا معيشتنا.. ولم يرفض القوانين التي تثقل كاهلنا.. ولم يحاسب الوزراء والمسئولين بالجدية اللازمة.. وبالذات الذين جاروا علينا.. وحتي وزير التموين الذي كان من المقرر أن يواجه اليوم "استجواباً في المجلس" سارع الرجل وقدم استقالته استباقاً للأحداث.. فأراح واستراح.
بالعكس.. ارتبط المجلس بظواهر سلبية عديدة منذ انتخاباته.. خاصة ارتباطه بالمال السياسي. وشراء الأصوات.. وخضوع مجموعات من نوابه لسطوة رجال الأعمال. الذين يتطلعون إلي إثبات وجودهم ــ وممارسة دور سياسي تشريعي لتدعيم نفوذهم ــ ثم كان المجلس سنداً دائماً للسلطة التنفيذية.. وأداة في يدها.. نفذ لها ما أرادت طوال دورة انعقاده الأولي التي شارفت علي الانتهاء.
واليوم تخرج أصوات من داخل المجلس.. وبالذات من اللجنة التشريعية.. تتهم الحكومة بأنها تعمدت إحراج المجلس أمام المواطنين بتأخرها عن تقديم مشروعات القوانين التي تراعي مصالح الجماهير. وحل مشاكلهم.. والتي كان من المفروض دستورياً إنجازها في دورة الانعقاد الأولي.. وركزت اهتمامها ــ بدلاً من ذلك ــ علي القوانين التي تضيف ضرائب ورسوماً جديدة علي المواطنين.
وحسبما ذكرت صحيفة "الشروق" في عددها الصادر يوم الإثنين الماضي. فإن أحد النواب في اللجنة التشريعية قال: كان علي الحكومة أن تهتم بالقوانين. التي تتعلق بمصالح المواطنين. وتأجيل القوانين الخاصة بفرض رسوم وضرائب جديدة.. لأن الفترة الحالية غير ملائمة لأي رسوم وضرائب.. حتي ولو كانت ستفرض علي فئة قليلة من المواطنين.. ولابد من النظر إلي مشروعات القوانين التي يفرض الدستور الانتهاء منها في دور الانعقاد الأول.
وقال نائب آخر: "أنا ضد القوانين التي تقدمت بها الحكومة لرفع الأسعار.. ولا يجب أن نكون أداة لذلك".
أما النائبة سوزي ناشد. فقد كانت أكثر صراحة عندما قالت إن المجتمع يشعر بأن الحكومة تريد أن تضع المجلس في حرج.
ولكن.. ما هي القوانين التي كان يجب علي الحكومة أن تقدم مشروعاتها إلي المجلس؟!.. وكان يجب علي المجلس أن يصدرها في دور الانعقاد الأول بدلاً من الضرائب والرسوم ورفع الدعم. وزيادة الأسعار؟!!
تنص المادتان 235 و241 من الدستور صراحة علي أن يصدر مجلس النواب قانون العدالة الانتقالية. وقانون دور العبادة الموحد خلال دور الانعقاد الأول للمجلس.. وهو موعد إلزامي كان يجب علي مجلس النواب باعتباره السلطة التشريعية والحكومة باعتبارها المختصة بإعداد مشروعات القوانين والقرارات الالتزام بها قبل فض دور الانعقاد الأول في الأسبوع الأول من سبتمبر القادم.. أي قبل عيد الأضحي المبارك.
وقد أدي تأخر إنجاز قانون العدالة الانتقاليةــ مثلاًــ إلي إغراء الحكومة بتحويل مسارها الذي رسمه الدستور.. فقد اتجهت بدلاً من ذلك إلي البحث عن ضرائب ورسوم جديدة. ورفع جزئي للدعم. وزيادة الأسعار.. وكلها مسارات تتناقض تماماً مع مفهوم العدالة الانتقالية.
أضف إلي ذلك أن تأخر إصدار قانون البناء الموحد لدور العبادة جعل الحكومة تتحول إلي البحث عن قانون بديل لبناء الكنائس فقط.. وهو ما يضفي علي القانون بعداً طائفياً يأخذه إلي غير ما يريد الشعب. وما يريد الدستور. الذي يحث دائماً علي مبدأ المواطنة والمساواة. بين جميع المصريين.
ولم تهتم الحكومة أيضاً بتقديم مشروع قانون الإعلام الموحد وقانون المجلس القومي لحقوق الإنسان. وقانون مناهضة التمييز.. وبالتالي لم يقدم مجلس النواب جديداً بشأنها.. وأصبح في حرج شديد.