صدق المثل القائل " رب ضارة نافعة " ففى الوقت الذى قرر فيه مجلس الدولة الفرنسى اعلى هيئة قضائية في فرنسا تعليق قرار منع ارتداء المايوة الشرعى الاسلامى "البوركينى" محذرا رؤساء البلديات هناك - واغلبهم من اليمين - الذين اتخذوا قرارا مماثلا ودعمه رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس من ان اي حظر لهذا اللباس على الشواطىء يجب ان يستند الى "مخاطر ثابتة" على النظام العام مع ما يعنيه من "سلامة الو صول الى الشاطىء وامن السابحين اضافة الى الصحة العامة .
" زادت نسبة الاقبال على شرائه وفقا لقول المصممة الاسترالية التي ابتكرت "البوركيني" عاهدة الزناتي - اللبنانية الأصل - والتى صممت البوركيني قبل 10 سنوات في سيدني كوسيلة اندماج تجيز للمسلمات الاستمتاع بالشاطئ ، مؤكدة على أن الجدل حول حظر البوركيني زاد من مبيعاته، وخاصة من أفراد غير مسلمين"، وبغض النظر عن ذلك فأنه كما يقول باتريس سبينوزي محامي هيئة حقوق الانسان التي كانت لجأت الى مجلس الدولة فأن هناك مساس غير متكافئ بحرية الديانات "
حقيقى ان هذا القرار القضائي الذي يشمل خصوصا منتجعا سياحيا على الكوت دازور لكنه سيطبق في كل انحاء فرنسا، لاقى ترحيبا من ممثلي الديانة الاسلامية الذين اعتبروه "انتصارا للحق والحكمة ومع ذلك لا ننكر ان السجال الدائر فى فرنسا يكون حول هذا المفهوم ، كلا فان هذه الازمة لها ابعاد اكبر بكثير من هذا الجدل – مع العلم أنه لم تتضامن أوروبا مع فرنسا في هذا الحظر "البوركيني" على شواطئها العامة وتبقى فرنسا وحدها في تنفيذ هذا القرار الصادر عن الجهات الرسمية والذي وضعها في مواجهة حادة مع أكبر جالية مسلمة في اوروبا منهم خمسة ملايين مسلم في فرنسا ، فى ظل غياب دور مثقفيها ومفكريها لتبنى مبادرة ثقافية مسئولة لفهم الوجه الجديد لصراع الحضارات بين مواطنيها واستيعاب فصوله ورصد السبل الممكنة للتخفيف من حدّته وعلى الجانب السياسى استغلت التيارات السياسية أزمة البوركيني للإعلان عن مبادئهم العلمانية الصارمة .
ففى الوقت الذى أيّد فيه رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس اقتراح المجلس الأعلى للاندماج في فرنسا الذي حظّر ارتداء الحجاب في الجامعات رفض الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولاند هذا القرار لأنه يطمح كثيراً للعودة مجدداً إلى قصر الإليزيه وكسب أصوات الجالية المسلمة في انتخابات الرئاسة القادمة في فرنسا فى حين ان نيكولا ساركوزي رئيس الجمهورية السابق الذي أعلن ترشيحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، فقد حسم خياراته في هذه القضية معلناً أن البوركيني هو أمر مستفزّ جداً .
ولا يخفى على أحد ان اليمين المتطرف يسعى الى توظيف هذه القضية لتسجيل مكاسب سياسية وإعادة إحياء بعض التدابير التي ترمي إلى تضييق هوامش الحركة للجمعيات الإسلامية وفرض إجراءات لمنع المحجّبات في المؤسسات والهيئات الفرنسية والتى انتشرت بشكل واسع بين 2012 و2014 حيث تمّ حظر الحجاب في الجهات الحكومية وفي المدارس التي تديرها الدولة وبات الامر الان جليا واضحا من ان البوركينى أبعد من مجرد كونه لباساً دينياً .
( انما هو غرض ما فى نفس ابن يعقوب ) .