علاء عريبى
عن الجهاز المركزى للمحاسبات
فى مقال سابق تناولنا وظيفة الأجهزة الرقابية، وتساءلنا عن سبب غيابها فى قضية توريد القمح الوهمية، وقلنا بالحرف: كنت أظن أن هذه الأجهزة ترصد كل كبيرة وصغيرة فى المؤسسات الحكومية، وأنه لا توجد ورقة تخرج أو تدخل فى وزارة أو ديوان دون إطلاع موظفيها عليها، لكن للأسف قضية - إن صحت وقائعها وثبت الفساد بها- فساد القمح جعلتنى أتشكك فى مصداقية الأجهزة الرقابية، فكيف تقع جريمة - حسب توصيف نواب البرلمان- بهذا الحجم دون أن تدرى بها؟، وهل عدم كشفها لقضية توريد القمح بسبب إهمال قيادتها وموظفيها أم عن عمد؟، ومن يحاسب هذه القيادات على الإهمال وغض الطرف (إن وجد)؟، وما هو مسمى التقصير والإهمال فى الأجهزة الرقابية؟، وألا يعد جزءًا من الفساد أو نوعًا من أنواع الفساد؟».
بعد نشر المقال تلقيت تعقيبا على قدر كبير من الأهمية من الأستاذ زكريا سعد وكيل وزاره سابق بالجهاز المركزى للمحاسبات، وضح فيه أسلوب العمل فى الجهاز المركزى للمحاسبات، حيث أكد أن الجهاز لا يتابع المصروفات قبل أو أثناء صرفها بل بعد إنفاقها بمدة تتجاوز الشهرين، ويسمح لمندوبى الجهاز بفحص 20% فقط من الأوراق وليس جميعها، كما أنهم يراجعون ويفحصون أوراق المخازن كل ثلاث سنوات، أو حسب صياغته: «لكونى كنت عضوا بالجهاز المركزى للمحاسبات أقول لكم: إن الجهاز يراجع بعد الصرف وبعد التحصيل اى يراجع مصروفات المال العام بعد صرفها بمدة لا تقل عن شهرين وممكن تكون أكثر وكذلك متحصلات المال العام تراجع بعد تحصيلها ودخولها الخزانة العامة بمدة لا تقل عن شهرين أيضًا... فضلا عن أن الجهاز يراجع ٢٠ بالمائة من مستندات الصرف والتحصيل فقط بموجب القانون وبواقع ٤٠ مستندًا فى اليوم، أى لو أن عدد المستندات فى الجهة محل الفحص ١٠٠٠ مستند بضرب ١٠٠٠ فى ٢٠ فى المائة على ٤٠ مستندًا فى اليوم يساوى ٥ أيام مدة الفحص والمراجعة وهكذا، وبالنسبة للمخازن وما يماثلها كل ثلاث سنوات تراجع مرة وهكذا».
تعقيب الأستاذ زكريا يضع يدنا على السبب الحقيقى لعدم كشف الجهاز لوقائع إهدار مال عام أو فساد مالى قبل أو أثناء وقوعها، حيث إن وظيفة الجهاز تأتى بعد الصرف والإنفاق بفترة كبيرة، يراجع بعض الأوراق (20%) ويدون ملاحظاته وترفع للجهة التى يراقبها لتصحيح ما غاب أو فات عليها، وفى حالة جسامة الإنفاق أو وجود شبه تبديد أو اختلاس ترفع الملاحظات إلى الحكومة.
ونظن أن طول الفترة الزمنية بين الإنفاق والفحص، وفترة مخاطبة الجهة أو الحكومة، تطول الفترة وتنتهى السنة المالية، لهذا نقترح أن تتم عملية فحص بعد الإنفاق بأسبوع واحد، وتمنح الجهة أسبوعا لتصحيح الأخطاء، بعدها تحال الوقائع للنيابة الإدارية أو العامة، كما نقترح كذلك الترخيص لمندوبى الجهاز بمراجعة جميع الأوراق المالية وليس 20% منها فقط، وذلك لإحكام عمليات المراقبة.