فى كلمته بمناسبة إطلاق إشارة البدء لموسم حصاد القمح بواحة الفرافرة قال الرئيس السيسى :” إحنا مش فى دولة حقيقية...طلوا على بلدكم صحيح، دى أشباه دولة مش دولة حقيقية” وتابع..”إحنا بنتكلم عن دولة قانون، دولة مؤسسات، تحترم نفسها ويحترمها العالم...إلخ”. إننى أعتقد أن هذا التوصيف للوضع الحالى فى مصر هو أهم ماقاله السيسى طوال فترة رئاسته حتى الآن، وهو ينطوى بلا شك على شجاعة أدبية تؤخذ له لا عليه، لأنه يتحدث عن دولة هو رئيسها، ولأن الاعتراف بالخطأ والرؤية السليمة للوضع القائم هى شروط أساسية للإصلاح. حقا، لقد تلقف “الإخوان” فى كل الأنحاء هذا التصريح ليتحدثوا عن إهانة السيسى للدولة المصرية العريقة، ونسوا بالطبع فشلهم الذريع فى إدارة تلك الدولة التى قال أحد كبرائهم “طظ” فيها. ولكن لندع هذا جانبا ونقول إن حالة “شبه الدولة” استفحلت فى مصر بشكل غير مسبوق ، ولنتأمل فقط بعض الأحداث الأخيرة: فتسرب امتحانات الثانوية العامة على النحو الواسع والشامل الذى حدث, يشير إلى شبه دولة وليس دولة بالمعنى الحقيقى أبدأ. وحوادث الطرق الفظيعة التى تحدث يوميا، خاصة على الطرق السريعة والدائرية، وضحايا السرعة المجنونة لسيارات النقل الكبيرة و مقطوراتها العملاقة بلا أى رقابة و لا أى ضابط و لا رادع، دليل دامغ على أننا نعيش فى شبه دولة وليس دولة حقيقية. والعجز عن مجرد إقامة مباراة للكرة فى حضور جمهورها الكبير بسبب العجز عن السيطرة على سلوك المتفرجين و المشجعين، دليل لاشك فيه على أننا شبه دولة. و العجز عن تطبيق حظر ختان الإناث الذى لا يقره القانون ولا الشرع بل وحدوثه بأعلى نسبة فى العالم ...هو دليل واضح على أننا شبه دولة. واحتفالات تزويج الأطفال فى سن التاسعة والعاشرة على مرأى ومسمع من المجتمع بل وأجهزة الإعلام هو مظهر واضح لحالة شبه الدولة. والفساد الهائل الذى ظهر فى قضية التلاعب بالقمح المحلى والمستورد.. وتوريده للصوامع، دليل دامغ على شبه الدولة. والعجز الشائن عن مجرد رفع القمامة من الشوارع فى مدن كبيرة، فضلا عن مظاهر القذارة المتناهية فى الصعيد والدلتا، مظهر واضح لشبه الدولة. علينا أن معترف أولا بذلك كله، وغيره كثير، قبل أن نشرع فى إعادة إقامة الدولة الأٌقدم فى التاريخ!