محمد جبريل
ع البحري .. خبر أدعوك لقراءته
اعتدت التصفح السريع لمواد الانترنت. اتوقف أمام المعلومة التي أجد فيها باعثا للقراءة. لأن الصفحات توالت دون ان تبين ما يغري بالقراءة فقد تنبهت- متأخراً- إلي العنوان الذي كأنه يدعوني لقراءته.
الخبر من قطاع غزة. وإن لم يشر إلي وضع القطاع بما يعيشه من ظروف قاسية: نجح الطبيب الفلسطيني محمود أبوخاطر رئيس قسم جراحة المخ والاعصاب بمجمع الشفاء الطبي في إنهاء معاناة مريضة تعاني آلاماً حادة في الفقرات العنقية. مع امتداد وخذلان في الكتفين والذراعين واليدين. وعدم اتزان في السير. وفقدان القدرة علي حمل الاشياء.
قبل ان يجري الطبيب جراحته الناجحة قرأ الملف الطبي للمريضة ثم طلب إجراء صور رنين مغناطيسي للفقرات العنقية. ثبت- من خلالها- وجود كدمة في النخاع الشوكي والأعصاب.
استأصل الطبيب الغضروف في المستوي الرابع والخامس العنقي. وحرر الاعصاب والنخاع الشوكي من الامام بواسطة الميكروسكوب الجراحي. كما استخدم مثبت الفقرات البلاتيني بين الفقرتين الرابعة والخامسة العنقية. في العملية التي استغرقت حوالي الساعة.
العملية- في تقدير من عرضتها عليهم من الاطباء- اشد صعوبة. وحتي مخاطرة- من العملية التي أجراها لي طبيب مصري شهير- أكتم حتي الآن اسمه- أراد ان ينهي "الصفقة" علي أي نحو. أهمل وعده باستعمال الميكروسكوب الجراحي. ومساحة السنتيمترين في الظهر. وقضاء فترة نقاهة أربعة عشر يوماً. ثم أعود إلي حياتي العادية.
صحوت من البنج علي ما يختلف عن ذلك كله. جري الطبيب الهمام بالمشرط أكثر من عشرة سنتيمترات. واستعمل المنشار. ونسي- أو تناسي- تثبيت الفقرات. وحين نقلت له ملاحظة طبيب العظام الدكتور يسري الهواري بضرورة التثبيت. قال في بساطة وحسم: الحزام يكفي!
أحزن لمرور عامين علي إجراء العملية الصفقة. غلب فيها الحس التجاري علي الالتزام المهني. بينما اختلف الامر في جراحة غزة. ربما لان الطبيب اختبر الاهوال وأدرك قيمة الانسان. فهي ليست مجرد عملية جراحية يتقاضي عليها أجراً. لايهم اجراؤها علي أي نحو. المهم ان يفيق المريض من البنج. ويطمئن أهله إلي بقائه حياً. أما نوعية الحياة فهي- كما أعانيها الان- مأساة كاملة. لا حركة. والآلام مستمرة. والحزام الذي أشار به الطبيب لا شأن له بعدم الاتزان. فأنا لا أبذل جهدا إلا بمساعدة العصا الحديدية ذات الارجل الاربعة. فضلاً عن تأبط سواعد الاعزاء!
مقصدي البوح لا الشكوي- كما قلت في رواية تجربة المرض- لكن الشكوي ضرورة من مرور عامين علي بدء اجراءات مجلس الوزراء لعلاجي في الخارج.
متي ندرك معاناة المرض. وقسوة الآلام. وأن السكوت عن التأثيرات قد يؤدي إلي ما هو أشد خطورة؟!