الأهرام
عماد رحيم
أين محافظ القاهرة؟
أكثر من 5 أشهر مرت على خلو مقعد محافظ العاصمة، وحتى الآن يتم تسيير أعمال المحافظة بقائم بالأعمال، القاهرة التى يصل عدد أحيائها الإدارية لـ 36 حيا، بلا محافظ دون معرفة السبب.
هو ما يحدث لأول مرة أن تظل عاصمة مصر دون محافظ كل هذه الفترة الزمنية، فهل يتعذر وجود شخص بمواصفات تناسب المقعد الخالى، أم أن هناك من تم عرض المقعد عليه ورفضه! فى كلا الحالتين الأمر محير و غير مفهوم، و يكفى أن نشاهد كما هائلا من التسيب واللامبالاة يضرب مناطق العاصمة دون وازع أو ضابط، ويمكن أن أعطى بعض الأمثلة، أبدؤها بنفق زهراء المعادى الذى يخدم مئات الآلاف من مستخدميه سواء من خلال عبوره مباشرة أو من أعلاه. افتتح أعمال توسعته د.جلال السعيد فى منتصف ديسمبر من العام الماضى كما أعلن منتصف فبراير 2016 موعداً للافتتاح، ثم يرحل الرجل متوليا منصب وزير النقل فى مارس المنقضى، لتتوقف أعمال التوسعة فى النفق تماما تحت زعم مبررات مستفزة، وبين الحين والآخر نسمع تصريحات متنوعة لمسئولين يظهرون علينا عبر وسائل الإعلام مؤكدين افتتاحه خلال أيام، وتمر أسابيع لتتبعها تصريحات أخرى بمواعيد افتتاح جديدة، وكأن تلك التصريحات جمهورها المستهدف أناس آخرين لا يستخدمون النفق، ولا تستنزف طاقاتهم ولا أوقاتهم بلا طائل!

إذا كنتم تراهنون على أن ذاكرة المواطن ضعيفة، فإن ذاكرة الإعلام قوية وموثقة بتصريحاتكم، وإذا كنتم تلعبون على ورقة الصبر، فإن رصيده نفد. ما يحدث فى أعمال توسعة نفق زهراء المعادى هو دليل دامغ على الاستهتار بالناس، فلا قيمة لعذابهم ولا لأنينهم الذى بدأ يأخذ شكل الاعتياد على واقع مر عليهم تذوقه كل يوم على مدار تسعة أشهر متصلة!

أصبح التوكتوك بكل موبقاته وباء مستشريا فى أنحاء القاهرة وفى معظم الأحياء إن لم يكن كلها، وفرض قائدوه أسلوبهم على الطريق ولا حياة لمن تنادى، فما زالوا يفعلون ما يحلو لهم «بكل بجاحة» دون أن يتحرك أى مسئول قيد أنمله!

القاهرة يسكنها ما لا يقل عن 20% من سكان مصر، بخلاف من يأتى إليها يوميا من خارجها إما للعمل أو لقضاء مصلحة، باتت أجزاء كثيرة من شرايينها الحيوية مصابة بالاختناق، مثل الطريق الدائرى الذى يدور حولها ويتقاطع معها فى عشرات النقاط، أمسى مهملاً وباتت سيارات النقل سببا للكثير من الحوادث بسبب رعونتها، والدليل كم الحوادث التى أودت بحياة الكثيرين بخلاف المصابين.

أكوام القمامة عادت تملأ أماكن غريبة بالقرب من تجمعات سكنية كما يحدث الآن فى منطقة القطامية، وعندما استغاث الأهالى برئيس حى البساتين، كان الرد عجيبا، تلك المساحة التى يتم تجميع القمامة بها يسيطر عليها مجموعة من البلطجية ولا شأن لنا بهم!! تلال من القمامة يتم تجميعها ثم حرقها بمنتهى الأريحية، ليصاب السكان المحيطون بكل أنواع التلوث، والسيد المسئول لم يحرك ساكناً.

أما عن باقى المناطق فحدث ولا حرج، القمامة احتلت أجزاء كثيرة من الشوارع، و لاسيما الأزقة والحارات بطريقة تؤكد أن الإهمال قبض على صدور الناس، برائحته غير المحتملة ـ والعجيب خروج تصريحات تطالب بزيادة مخصص القمامة الذى يتم تحصيله على فاتورة الكهرباء لـ 10جنيهات بدلا من 8 متناسين أن المواطن يدفع لجامع القمامة المنزليه فى حدود 20 جنيهاً شهرياً ليصل إجمالى ما يدفعه 28إلى جنيها كل شهر!ـ فأى استهتار هذا بمقدرات الشعب.

ونأتى للحديث عن الكافيهات التى انتشرت كيفما تنتشر النار فى الهشيم، باتت فى كل الأماكن حتى أصبحت مصدراً غير محتمل للإزعاج وقد ضج المواطنون من كثرة الشكوى ولا مجيب! وأصبحت الموضة الجديدة فى هذا الإطار أن تقف السيارات أمام الكافيه وتتم خدمة أصحابها داخل السيارة من شرب الشيشة وخلافه ، وبداية الدئرى الأوسط دليل واضح حيث أمسى مختنقاً بسبب تلك الكافيهات التى تقدم هذه الخدمة المدمرة ولا عزاء للسكان أو للمارة الذين استبشروا خيرا بهذا الطريق ليكون مفراً من الاختناق المرورى.

دليل آخر على الفساد هو كم الأبراج التى تم بناؤها فى الشهور الأخيرة و فى ترخيصها «جراج» قد وصلت أعدادها للآلاف، فى غفلة متعمدة من المسئولين تم تحويلها إلى مخازن أو أى شىء آخر غير «الجراج» لتتحول الشوارع أمام هذه الأبراج إلى جراجات بالتبعية، وتصبح هناك حالات اختناق مرورية غير متوقعة وبدلا من حلها، تغافل صاحب السلطة عن حلها بلا مبالاة دون أدنى شعور بالعار!

بالمقارنة بمحافظات أخرى مثل «مرسى مطروح» نرى جهد محافظها قد شعر الأهالى به فالرجل لم يدخر جهدا لتحويلها إلى مكان متميز، أعتقد أن أغلب زوارها قد لمسوا ما يفعله، دون أن يكلف موازنة الدولة أعباء إضافية، وهناك أمثلة أخرى مبهجة.

وأخيرا الحديث عن سلبيات عدم وجود محافظ لا تنتهى، ويعرفها القاصى والدانى واسألوا سكان القاهرة كم عانوا من تقصير مستفز من رؤساء الأحياء، والآن الناس يتساءلون أين محافظ القاهرة؟ وإلى متى ستظل العاصمة بدونه؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف