إذا كانت الهولوكست الصهيونية قد واجهت تكذيباً لها من أساتذة في جامعات أوروبا. وقساوسة أوروبيين. وحتي من بعض المعتنقين للديانة اليهودية. وأن معسكرات الاعتقال والمذابح وغرف الغاز وغيرها. ليست إلا اختراعات من صنع الإعلام الصهيوني. فإن الهولوكست الفلسطينية والعربية معلنة.
وقد اعترف بها قادة عصابات شتيرن والهاجاناه. وبعضهم مازال علي قمة الحياة السياسية في إسرائيل.
قيمة هذا الكتاب في صدقه. أنه يروي ما حدث. بلا رتوش ولا تزويق. لا يتجني ولا يتحامل. بل ولا يجامل أو يلوي الحقائق ليفرض وجهة نظر تعوزها الدقة.
مروة جبر.. اختارت تسمية "نداء السنونو" عنواناً لكتابها. أما العنوان الثاني فهو "حكايا الألم والأمل".
البداية تعود إلي عام قيام دولة إسرائيل. حين بدأت العصابات الصهيونية تحويل الحلم والأسطورة إلي دولة. ولأن فلسطين لم تكن أرضاً بلا شعب. كما ادعت جولدا مائير فيما بعد. فقد كان الهدف المعلن للعصابات الصهيونية تطهير أرض فلسطين من أبنائها. وشهدت المدن والقري الفلسطينية ما يفوق في بشاعته كل الجرائم التي عرفها التاريخ الإنساني. وظلت المذابح أسلوباً صهيونياً في الأعوام التالية. كان أول ما فعله الجنود الإسرائيليون حين دخلوا خان يونس في معارك 1956. إلقاء الأطباء المصريين من فوق شرفات البيت الذي كانوا يقيمون فيه. واقتحموا قبواً اختبأت فيه عائلة فلسطينية. طلبوا من الرجال أن يقفوا في مواجهة الحائط. ثم توالت زخات الرصاص. وأمام قلعة خان يونس. جمع الصهاينة العشرات من الشباب. أوقفوهم ووجوههم إلي جدار القلعة. ثم أطلقوا عليهم نيران المدافع الرشاشة. وحصد الرصاص عائلات بأكملها. واستشهد في خان يونس حوالي ألف شهيد. لم يرتكبوا أي جرم إلا أنهم عرب وأصحاب أرض. والمفزع أن أهالي الشهداء مُنعُوا من دفن ضحاياهم لمدة ثلاثة أيام. ثم سُمحَ للنساء فقط ـ هل بقي رجال؟!!ـ بدفن أحبائهن. حتي المستشفيات قتلوا مرضاها. لقي الشيخ مصرعه وهو يحاول تذكيرهم بطبيعة المكان. واخترقت طلقات الرصاص كل الراقدين في الأسرة. وعاد الإسرائيليون للتأكد من أن الكل ماتوا. حتي الأطباء والممرضات!!.. وصرخ الطفل الجريح: لا تقتلني يا عمي!!.. لكن الجندي الإسرائيلي صوب رصاصتين في جبهة الطفل. ثم صوب رصاصة أخري. ثم كرر العملية مرة ثالثة حتي تأكد أن الطفل مات!!.. كان الهدف هو القتل لمجرد القتل. لمجرد إفراغ المدن والقري من أبنائها.
مشكلة الإعلام العربي أنه يتجه إلي الداخل. إلي المواطن العربي. يشدد علي عدالة الحق العربي. مقابلاً لتضليل الإعلام الصهيوني. وبالتأكيد. فإن أي مواطن عربي ـ من واقع معايشته لتطورات الأحداث ـ يدرك جيداً عدالة قضاياه. ويتألم ـ في الوقت نفسه ـ من الأكاذيب التي أفلح الإعلام الصهيوني في اختلاقها. وإقناع مساحات عريضة من الرأي العام العالمي بها.
"نداء السنونو" مَثَل للمطبوعات التي يجب ألا يقتصر توزيعها علي قراء العربية. إن ترجمته إلي كل ـ أكررـ: كل لغات العالم. مهمة قومية تُغني عن الخُطَب والتصريحات والقنوات الفضائية. التي تكتفي بتوجيه خطابها إلي المواطن العربي. كأنه في حاجة إلي توعية بالمأساة التي مازال يدفع ثمناً لها من حياته واستقراره. وأمنه ومستقبل أيامه.
الكتاب يتضمن حقائق يصعب إنكارها. لأن الكثير من مرتكبي جرائمها أحياء. والكثير من شهودها أحياء كذلك. وإذا كانت الصهيونية لا تزال تنبش في دعاوي جرائم النازي ضد اليهود. ومعظمها أكاذيب من اختراع الإعلام الصهيوني. وتلقي القبض علي من تزعم قيامهم بتلك المذابح. رغم مرور أكثر من ستين عاماً علي انتهاء الحرب العالمية الثانية. فإن مذابح "دير ياسين. وكفر قاسم. وخان يونس. وصابرا وشاتيلا. وقانا".. وغيرها. لم توجه فيها حتي الآن أي مساءلة. بل إنهم يتحدثون عن الإرهاب الفلسطيني!!