** حزب الفساد في مصر قوي.. جذوره تضرب في عمق الوطن منذ نصف قرن تقريبا.. بدأ وتلألأ في سماء مصر بعد الإعلان عن سياسة الانفتاح التي وصفها البعض أيامها "انفتاح سداح مداح" وبعدها بدأنا سياسة الاقتصاد الحر بلا اقتصاد وبدون حرية حقيقية.. فكان الفساد هو الأبن الشرعي أو غير الشرعي لتلك المرحلة واصبح له رجاله في كل مكان.. يدافعون عن أنفسهم بكل قوة..!!
وفي أوقات الأزمات والشدائد تظهر قوة هذا الحزب فالمفسدون دائما جاهزون والفاسدون بهم يستقوون.. ولهم طرق كثيرة ووسائل عديدة وللفساد والفاسدين سبل لايعرفها غيرهم.. ولديهم قدرة كبيرة علي التلون والتغير مع كل ظرف وكل زمن..!!
ليس الفاسد فقط هو المرتشي أو الذي يأخذ حق غيره أو حق المجتمع بطرق ملتوية فهذا الفاسد المعروف.. ولكن للفساد اشكالاً وألواناً عديدة.. فالذي لايعمل ويحصل علي مرتبه من الدولة كاملا فاسد.. والذي لايتابع هذا الفاسد ويحاسبه ويفرض عليه عملا ايضا فاسد.
.. ومن يضع ثغرات في القانون لحساب البعض فاسد ومن يستغل هذه الثغرات فاسد ومن يستفيد من استغلال هذه الثغرات فاسد..!!
الفساد أشكال وأنواع وألوان.. وأصبح علي كل لون خاصة بعد حالة الفوضي والبلطجة التي صاحبت ثورة 25 يناير واستمرت بعدها لفترة.. حيث زادت اشكال الفساد وتوارت خلف حق ضائع لا صاحب له!!!
وليس كل متهم بالفساد فاسداً.. وليس كل من يدعي الفاسدون فساده فاسداً.. بل أحيانا تكون حرب الفاسدين ضد انسان شريف باتهامه بالفساد من خلال كل وسائل الفاسدين القذرة وهذه الحالة ليست جديدة فهي قديمة منذ الأزل.. وذكرها الله في كتابه الكريم عندما ادعي فرعون - وهو فرعون الفاسد المدعي الالوهية- ان موسي نبي الله وكليمه سينشر الفساد في الأرض.
يقول سبحانه وتعالي "وقال فرعون ذروني اقتل موسي وليدع ربه.. إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد" !!!
وهكذا تكون حرب الفساد ضد الحق حتي يزيح الحق من امامه فتراه امام خيارين ان يقتله أو يتهمه بالفساد ويدعي أنه المفسد الفاسد.. وهذه الحالة الفرعونية مستمرة حتي الان.. فكم من فاسد يحمل شارة الطهر ويدعي الخيرية ويعلن حربا - غير شريفة - علي اناس بادعاء أنهم فاسدون.. وهي نفس الحرب التي يقودها الاخوان في الخارج ضد مصر ونظامها وثورة 30 يونيه.
ويساندهم - بدون قصد - فاسدون ومفسدون في الداخل ويدعمهم بقصد آخرون..!!
ارتفاع الأسعار وموجة الغلاء التصاعدية الآن فساد حقيقي لانه يحارب الناس ويحارب الدولة ويحارب خطوات مصر الصادقة القوية نحو الخروج من الازمة.
"فساد القمح" أحد اشكال حالة الفساد التي يقودها حزب الفساد في مصر.. ولابد ان نعترف انها اكبر مواجهة حقيقية لحزب الفساد.. والقضية ليست في "550 مليون جنيه" وهم حجم الفساد في هذه القضية لكن القضية في حزب الفساد الذي ساعد وساهم في استغلال كل منظومة جاده وكل عمل مخلص ليدخل في جيوب البعض بدلا من ان تكون لصالح البسطاء والغلابة..!
عندما يسدد رجل اعمال 86 مليون جنيه رأت اللجنة انه اكتسبها دون وجه حق.. ويسددها فورا.. ثم يسدد آخرون مبالغ وصلت الي حوالي 200 مليون جنيه تباعا.. فماذا يعني ذلك؟
ببساطة شديدة وبعيدا عن التحقيقات التي تجريها النيابة ثم القضاء لكشف الحقيقة وبيان من هو الفاسد ومن هو المفسد ومن هو البريء بعيدا عن العمل القانوني هناك حقيقة بسيطة وهي أن رجل أعمال سدد 86 مليون جنيه ورجل مثله في مصر لايجد 86 جنيها وليست ملايين..!!
هذا التفاوت الرهيب في الدخول.. وهذا التفاوت الغريب بين الطبقات يجعلنا نعترف انه لولا الفساد ما حدث ذلك!!
ليس فساد عدة سنوات.. بل فساد يضرب جذوره في عشرات السنين سواء بالقانون او بالممارسة او بالشياطين الذين يسهلون ويزينون الفساد للناس..!!
يقول الله سبحانه وتعالي في سورة الروم منذ أكثر من الف وربعمائة عام "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون".
الآية واضحة فالفساد من صنع البشر.. اكتسبته ايديهم وأفعالهم.. وقد تكون عقوبة دنيوية لمن يكتوي بهذا الفساد حتي يعود ويرجع ويتوب الي الله عن معاصيه.. فيبعده الله عن هذا الفساد ولايصيبه ضرره بعد ذلك ..!!
هل هناك علاقة بين هذه الاية وبين أفعال حزب الفساد في مصر؟
الاجابة : نعم
نحن الذين نصنع الفاسدين لاننا نبحث عن استثناءات ولأننا نري ما يفعله غيرنا ولانري ما نفعله.. ولأننا نريد حقوقا ليست لنا وهي حق لغيرنا.. ولانري في ذلك غضاضة نحن الذين نصنع الفساد ونحن الذين نصنع المفسد والفاسد في آن واحد.. ولابد ان نواجه الفساد معا ونجعلها حربنا الأولي مع حربنا ضد الارهاب.. فالفساد شكل.. غير عسكري .. من اشكال الارهاب.. والغلاء شكل من اشكال الفساد.. وخراب الذمم هو الفساد بعينه.. ومن يحصل علي حق غيره فاسد ومن لايعمل ويؤدي ما عليه فاسد ومن يمد يده لغير حقه فاسد ومن يدافع عن الفاسد فاسد مثله..
لابد ان نواجه انفسنا أولا ونحدد اين نقف من الفساد والفاسدين قبل ان نشكو ونصرخ ونبكي من الفساد..!!
الواسطة والمحسوبية اصبحت وسيلة كل انسان في أي مجال.. وهي شكل واضح من اشكال الفساد.
هل يمكن ان يصدق احد ان المصريين وهم أكثر الناس طيبة وحبا وتراحما بينهم من يبيع دواء مغشوشا فيقتل المريض بدلا من ان يعالجه من اجل حفنة جنيهات بالحرام؟
هل يصدق أحد ان بيننا من يخطف طفلا أو طفلة ليبيع اعضاءه لتجار البشر؟
من كان يصدق ان مثل هذه الجرائم يمكن ان تكون بيننا..؟
ان فساد الذمم وفساد الضمائر وفساد الدين؟
عندما تحول الدين الي كلام في العبادات وليس فعلا في المعاملات.. وعملا سياسيا وليس حياة كاملة.. عندما اصبح هناك تجار دين.. وتجار باسم الدين.. كان فساد الضمائر وخراب الذمم.. وهو أصل الفساد وجذوره القوية..!!
نحن بحاجة الي حزب قوي صادق من أبناء مصر الطيبين.. حزب همه الأول هو مصر والمصريون.. في مواجهة حزب الفساد.. حزب إيمانه بالله هو جذوره.. والمعاملات هي أساسه والاخلاص والصدق هما طريقه.. حزب يواجه الفساد بشفافية وصدق واخلاص.. ليس له هدف سوي وجه الله.. ثم الوطن..!!
من يستطيع ان يقود هذا الحزب؟
اعتقد ان شباب مصر الطاهر النقي قادر علي ذلك بعيدا عن أي أهداف سياسية لانها ستكون حربا شرسة وطويلة وقوية.. فمن يتصدي لها؟